إِلَيْنَا بعيون لم تَرَ مُنْذُ غبنا من محيا رَحْمَة، وَلَا طمثت عَلَيْهَا بَعدنَا غمامة نعْمَة، وَلَا باتت للسياسة فِي ذمَّة، وَلَا ركنت لدين وَلَا منَّة. فطوينا بِسَاط العتاب طى الْكتاب؛ وعاجلنا سطور الْمُؤَاخَذَة بالإضراب، وأنسنا نفوس أولى الِافْتِرَاق بالاقتراب، وسهلنا الْوُصُول إِلَيْنَا، واستغفرنا الله لنفسنا وَلمن جنى علينا، فَلَا تسلوا عَمَّا آثَار ذَلِك من اسْتِدْرَاك نَدم، ورسوخ قدم، واستمتاع بِوُجُود بعد عدم. فسبحان الذى يمحص ليثيب، وَيَأْمُر بِالدُّعَاءِ فيجيب، وينبه من الْغَفْلَة ويهيب، ويجتبي إِلَيْهِ من يَشَاء، وَيهْدِي إِلَيْهِ، ينيب. ورأينا أَن نطالع علومكم المشرفة [بِهَذَا الْوَاقِع] تسييبا للفاتحة الْمُعْتَمدَة، وتمهيدا للموالاة المجددة، فأخبار الأقطار مِمَّا تنفقه الْمُلُوك على أسمارها، وترقم ببدائعه هالات أقمارها، وتستفيد مِنْهُ حسن السّير، والأمان من الْغَيْر، وتستعين على الدَّهْر بالتجارب، وتستدل على الشهد بالغائب. وبلادكم ينبوع الْخَيْر وَأَهله، ورواق الْإِسْلَام الَّذِي يأوى قَرِيبه وبعيده إِلَى ظله. ومطلع نور الرسَالَة، وأفق الرَّحْمَة المنثالة، تقوم علينا الْكَوَاكِب تضرب آباط أفلاكها، وتتخلل مداريها المذهبة غداير أحلاكها، وتستدعي البدور، ثمَّ يَدْعُو بهَا إِلَى الْمغرب الْخُدُور، وتطلع الشموس متجردة من كمام لَيْلهَا، متهادية فِي دكان ميلها، ثمَّ تسحب إِلَى الْغُرُوب فضل ذيلها. وَمن تلقائكم ورد الْعلم وَالْعَمَل، وأرعى الهمل. فَنحْن نستوهب من مظان الْإِجَابَة لديكم، دُعَاء يقوم لدينا مقَام المدد، ويعدل مِنْهُ الشَّيْء بِالْمَالِ وَالْعدَد، فَفِي دُعَاء الْمُؤمن، يظْهر الْغَيْب مَا فِيهِ، وَالله يعلم مَا يبديه العَبْد وَمَا يخفيه، وإياه نسل أَن يدْفع عَنَّا وعنكم عوادي الْفِتَن، وغوائل المحن،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015