يُبَاشر خدمتكم، فِي جملَة من ببابكم من الأطبا والحكما، أولي الْأَلْبَاب. وَوَافَقَ ذَلِك الطَّبِيب الْمَذْكُور، وَقد أَصَابَته شكاية تخبط فِي أشراكها، ونحى منحى الْحَارِث بن همام فِي وطيس عراكها، وَعجز النُّفُوس البشرية عَن الْإِدْرَاك غَايَة إِدْرَاكهَا، وبيد باريها سُبْحَانَهُ أزمة سكونها وحراكها. فَلَمَّا بَان إبلاله، وَظهر استقلاله، صرفنَا مثابتكم الإمارية وَجه ابتداره، وأمرنا بحث تسياره، فتلبيته الندا بذلك مَشْرُوعَة، ودعوته بِكُل فج عميق مسموعة، وَمن أخر وَاجِبا لعذره ثمَّ قَضَاهُ، فَهُوَ كمن أوقعه فِي مِيقَاته الْمُخْتَار وأمضاه. وَغَايَة الطِّبّ كَمَا تقرر غرضان، أَحدهمَا إِزَالَة الْمَرَض، وَرفع السَّبَب الْكَفِيل بِدفع الْعرض، وَثَانِيها حفظ الصِّحَّة بِحَالِهَا، وإيجاد الْأَفْعَال الطبيعية بكمالها. فمذ أغْنى الله عَن الأول بِكَمَال الْعَافِيَة، وانسحاب أثوابها الضافية، وَمن على الْمُسلمين بإتاحة راحتكم بلطائفه الخافية، فَعَسَى أَن يكون لهَذَا الْحَكِيم فِي الْغَرَض الثَّانِي، غنا زَائِد، ونجح بتسني الآمال رائد؛ فَأنْتم مقلة الْإِسْلَام، الَّتِي بهَا يبصر، ومقامكم ومقام أبيكم، هُوَ الْعدة الَّتِي بهَا ينتصر، فَإِن شملتكم الْعَافِيَة، شملت الأقطار وَمن فِيهَا، وَإِذا ألم بكم ألم، أكبت ليديها وفيهَا، فمرضكم يمرضها، وشفاؤكم يشفيها، وَقد حملنَا الإدلال، الَّذِي هُوَ عنوان الوداد، وعلامة خلوص الِاعْتِقَاد، أَن وجهنا إِلَى بَابَكُمْ مَعَه من يتَصَرَّف فِيمَا تعين من هَذِه الْأَغْرَاض من خدمَة، ويتطوق من قبولكم عَلَيْهِ بأعظم نعْمَة، وَذَلِكَ كَذَا من الروميات وَكَذَا من صبيان الرّوم، وَكَذَا من البغلات. وَلَو كَانَ قدركم بِحَيْثُ تلقى هَدِيَّة تناسبه، أَن تُوجد تحفة يكافأ بهَا جَانِبه، لذهبنا مَذْهَب الِاعْتِذَار، واعترفنا بالتقصير فِي حقوقكم الْكِبَار، وَلكنه إِن عظم الْحق الْكَبِير، وَجل أَن يَأْخُذهُ التَّقْدِير، يتساوى فِيهِ الجم واليسير، والتافه والخطير، فَلَيْسَ إِلَّا ود لَا يتهم بِالنَّقْصِ وَالتَّقْصِير جَانِبه، وَلَا ترمى بالالتباس مذاهبه، وَالله تَعَالَى يصله مَحْفُوظًا من الْغَيْر، مكنوفا بِفضل السّير، حَتَّى تَجْتَمِع الْيَد على جِهَاد الْعَدو، وتفوز [تِلْكَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015