ذم الهوي (صفحة 579)

كِلابٍ فَخَرَجَ بِهَا عَنِ الْحَيِّ وَأَسْكَنَهَا فِي مَوْضِعِهِ ذَلِكَ وَأَنَّهُ تَنَكَّرَ وَرَضَى أَنْ يَكُونَ رَاعِيًا لِتَأْتِيَهُ ابْنَةُ عَمِّهِ وَيَرَاهَا

وَجَعَلَ يَشْكُو إِلَيَّ صَبَابَتَهُ بِهَا وَعِشْقُهُ لَهَا حَتَّى إِذَا جَنَّنَا اللَّيْلُ وَحَانَ وَقْتُ مَجِيئِهَا جَعَلَ يَتَقَلْقَلُ وَيَقُومُ وَيَقْعُدُ كَالْمُتَوَقِّعِ لَهَا فَأَبْطَأَتْ عَنِ الْوَقْتِ وَغَلَبَهُ الشَّوْقُ فَوَثَبَ قَائِمًا وَأَنْشَأَ يَقُولُ

مَا بَالُ مَيَّةَ لَا تَأْتِي كَعَادَتِهَا ... أَهَاجَهَا طَرَبٌ أَمْ صَدَّهَا شُغُلُ

لَكِنْ قَلْبِي لَا يُلْهِيهِ غَيْرُكُمُ ... حَتَّى الْمَمَات وَمَالِي غَيْركُمْ أمل

لَا تَعْلَمِينَ الَّذِي بِي مِنْ فِرَاقِكُمُ ... لَمَا اعْتَلَلْتِ وَلا طَابَتْ لَكَ الْعِلَلُ

رُوحِي فَدَاءُكِ قَدْ هَيَّجْتِ لِي سَقَمًا ... تَكَادُ مِنْ حَرِّهِ الأَعْضَاءُ تَنْفَصِلُ

لَوْ أَنَّ عَادِيَةً مِنِّي عَلَى جَبَلٍ ... لَزَالَ وَانْهَدَّ عَنْ أَرْكَانِهِ الْجَبَلُ

ثُمَّ قَالَ يَا أَخَا بَنِي عُذْرَةَ مَكَانَكَ حَتَّى أُعُودُ إِلَيْكَ فَمَا أَتَوَهَّمُ أَنَّ أَمْرَ ابْنَةَ عَمِّي صَحِيحٌ

ثُمَّ مَضَى فَمَا لَبِثَ أَنْ أَقْبَلَ وَعَلَى يَدِهِ شَيْءٌ مَحْمُولٌ وَقَدْ عَلا شَهِيقُهُ وَنَحِيبُهُ فَقَالَ يَا أَخَا بَنِي عُذْرَةَ هَذِهِ ابْنَةُ عَمِّي أَرَادَتْ أَنْ تَأْتِينِي فَاعْتَرَضَهَا الأَسَدُ فَأَكَلَهَا

ثُمَّ وَضَعَهَا عَنْ يَدِهِ وَقَالَ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى أَعُودُ إِلَيْكَ وَمَضَى فَأَبْطَأَ حَتَّى يَئِسْتُ مِنْ رُجُوعِهِ ثُمَّ أَقْبَلَ وَرَأْسُ الأَسَدِ عَلَى يَدِهِ فَجَعَلَ يَنْكُثُ عَلَى أَسْنَانِ الأَسَدِ وَيَقُولُ

أَلا أَيُّهَا اللَّيْثُ الْمُخِّلُ بِنَفْسِهِ ... هُبِلْتَ لَقَدْ جَرَّتْ يَدَاكَ لَنَا حُزْنَا

وَغَادَرْتَنِي فَرْدًا وَقَدْ كُنْتُ آلِفًا ... وَصَيَّرْتَ بَطْنَ الأَرْضِ ثَمَّ لَنَا سِجْنَا

أَقُولُ لِدَهْرٍ خَانَنِي بِفُرَاقِهِ ... مَعَاذَ إِلَهِي أَنْ أَكُونَ لَهُ خَدْنَا

ثُمَّ قَالَ يَا أَخَا بَنِي عُذْرَةَ إِنَّكَ سَتَرَانِي بَيْنَ يَدَيْكَ مَيِّتًا فَإِذَا مِتُّ فَاعْمَدْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015