ذم الهوي (صفحة 580)

إِلَيَّ وَابْنَةَ عَمِّي وَأَدْرِجْنَا فِي كَفَنٍ وَاحِدٍ وَاحْفُرْ لَنَا جَدَثًا وَاحِدًا فَادْفِنَّا فِيهِ وَاكْتُبْ عَلَى قَبْرِي هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ

كُنَّا عَلَى ظَهْرِهَا وَالْعَيْشُ فِي مَهَلٍ ... وَالشَّمْلُ يَجْمَعُنَا وَالدَّارُ وَالْوَطَنُ

فَفَرَّقَ الدَّهْرُ وَالتَّصْرِيفُ أُلْفَتَنَا ... فَصَارَ يَجْمَعُنَا فِي بَطْنِهَا الْكَفَنُ

وَرُدَّ الْغَنَمَ عَلَى صَاحِبِهَا وَأَعْلِمْهُ بِقِصَّتِنَا

ثُمَّ عَمَدَ إِلَى خِنَاقٍ فَطَرَحَهُ فِي عُنُقِهِ فَنَاشَدْتُهُ اللَّهَ أَلا يَفْعَلُ فَأَبَى وَجَعَلَ يَخْنِقُ نَفْسَهُ حَتَّى سَقَطَ مَيِّتًا فَكَفَّنْتُهُمَا وَدَفَنْتُهُمَا فِي قَبْرٍ وَاحِد كَمَا أَمرنِي وكتبت البيتيتن عَلَى قَبْرِهِمَا وَرَدَدْتُ الْغَنَمَ عَلَى صَاحِبِهَا وَأَعْلَمْتُهُ بِقِصَّتِهِمَا فَحَزِنَ حُزْنًا شَدِيدًا أَشَفَقْتُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ أَسَفًا عَلَى مَا فَرَّطَ فِي اجْتِمَاعِهِمَا

أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عبد الجبار قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو الْقَاسِمِ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ الرَّحَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَرَمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْمُهَلَّبِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيُّ قَالَ رَأَيْتُ رَجُلا يُعَاتِبُ إِلْفًا لَهُ عَلَى الْجِسْرِ وَكُنْتُ قَرِيبًا مِنْهُمَا بِحَيْثُ أَسْمَعُ مَا كَانَا فِيهِ جَمِيعًا فَقَالَ لَهُ أَلَمْ أَفْعَلُ بِكَ كَذَا أَلَمْ أَصْنَعُ بِكَ كَذَا فَلَمْ يَزَلْ يُعَدِّدُ عَلَيْهِ مَا أَوْلاهُ إِيَّاهُ فَقَالَ لَهُ الْمَأْلُوفُ هَذَا الَّذِي فَعَلْتَ فِي هَوَاكَ أَوْفِي هَوَايَ وَخَرَجَ الْكَلامُ بَيْنَهُمَا إِلَى أَنْ قَالَ لَهُ قَدْ أَضْجَرْتَنِي فَمَا تُحِبُّ أَنْ أَفْعَلَ بِنَفْسِي حَتَّى تَشْتَفِي قَالَ تَطْرَحُ نَفْسَكَ فِي هَذَا الْمَاءِ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا فِي دَعْوَاكَ

قَالَ فَعَهْدِي بِهِ وَعَلَى رَأْسِهِ رِدَاءٌ وَقَدْ لَفَّ رَأْسَهُ بِرِدَائِهِ وَزَجَّ نَفْسَهُ فِي دِجْلَةَ فَدَاخَلَنِي مِنَ الأَمْرِ مَا غَلَبَ عَلَيَّ حَتَّى صُعِقْتَ صَعْقَةً غُشِيَ عَلَيَّ مِنْهَا وَلَمْ أَدْرِ مَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015