قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي غَلابٌ قَالَ كَانَ بِذِمَارٍ فَتَى مِنْ حِمْيَرَ يُقَالُ لَهُ زُرْعَةُ بْنُ رُقَيْمٍ وَكَانَ جَمِيلا شَاعِرًا لَا تَرَاهُ امْرَأَةٌ إِلا صَبَتْ إِلَيْهِ وَكَانَ فِي ظَهْرِ ذِمَارٍ شَيْخٌ كَثِيرُ الْمَالِ لَهُ بِنْتٌ تُسَمَّى مُفَدَّاةُ بَارِعَةُ الْجَمَالِ حَصِيفَةُ اللُّبِّ وَكَانَ زُرْعَةُ يَتَحَدَّثُ إِلَيْهَا وَإِنَّهُ خَامَرَهُ مِنْ حُبِّهَا مَا غَلَبَ عَلَى عَقْلِهِ وَاحْتُجِبَتِ الْمُفْدَاةُ عَنْهُ فَامْتَنَعَ مِنَ الْحَرَكَةِ وَالطَّعَامِ فَغَبَرَ بِذَلِكَ حَوْلا ثُمَّ مَاتَ عَظِيمٌ مِنْ عُظَمَاءِ الْقَبَائِلِ فَبَلَغَ زُرْعَةَ أَنَّ الْمُفْدَاةَ فِي مَأْتَمٍ مِنْ ذَلِكَ الْمَأْتَمِ فَاحْتُمِلَ حَتَّى عَلا نَشْزًا ثُمَّ شَهَِقَ فَمَاتَ
فَبَلَغَ الْمُفْدَاةَ خَبَرُهُ فَجَاءَتْ حَتَّى وَقَفَتْ عَلَيْهِ فَهَمَّتْ أَنْ تُلْقِي نَفْسَهَا عَلَيْهِ ثُمَّ تَمَاسَكَتْ وَبَادَرَتْ خِبَاءَهَا فَسَقَطَتْ تَائِهَةَ الْعَقْلِ تُكَلَّمُ فَلا تُجِيبُ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهَا اللَّيْلُ رَفَعَتْ عَقِيرَتَهَا فَقَالَتْ
بِنَفْسِيَ يَا زَرْعُ بْنُ أَرْقَمَ لَوْعَةٌ ... طُوَيْتُ عَلَيْهَا الْقَلْبَ وَالسِّرَّ كَاتِمُ
لَئِنْ لَمْ أَمُتْ حُزْنًا عَلَيْهِ فَإِنَّنِي ... لأَلأَمُ مَنْ نِيطَتْ عَلَيْهِ التَّمَائِمُ
لَئِنْ فُتَّنِي حَيًّا فَلَيْسَ بِفَائِتِي ... جِوَارَكَ مَيِّتًا حَيْثُ تُبْلَى الرَّمَائِمِ
ثُمَّ تَنَفَّسَتْ نَفَسًا أَنْبَهَ مَنْ حَوْلَهَا فَإِذَا هِيَ مَيِّتَةٌ فَدُفِنَتْ إِلَى جَنْبِهِ
فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْ حِمْيَرَ
وَفَيْتُ لابْنِ مَالِكِ بْنِ أَرْطَاهْ ... كَمَا وَفَتْ لِزُرْعَةَ الْمُفْدَاهْ
وَاللَّهِ لاخِسْتُ بِهِ أَوْ أَلْقَاهْ ... حَيْثُ يُلاقِي وَامِقٌ مَنْ يَهْوَاهْ
أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي البَّزَازُ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ التَّنُوخِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ وَجَدْتُ فِي كِتَابِ