أَنَا فِي عَافِيَةٍ إِلا ... مِنَ الشَّوْقِ إِلَيْكَا
أَيُّهَا الْعَائِدُ مَا بِي ... مِنْكَ لَا يُخْفَى عَلَيْكَا
لَا تَعُدْ جِسْمًا وَعُدْ قَلْبًا رَهِينًا فِي يَدَيْكَا
كَيْفَ لَا يهْلك مرشو ... اق بِسَهْمِي مُقْلَتَيْكَا
ثُمَّ شَهَِقَ شَهْقَةً فَارَقَ فِيهَا الدُّنْيَا فَمَا بَرِحْنَا حَتَّى دَفَنُوهُ
أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ السَّرَّاجِ قَالَ وَجَدْتُ بِخَطِّ أَبِي عَمْرِو بْنِ حَيُّوَيْهِ يَقُولُ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو جَعْفَر أَحْمد ابْن الْحَارِثِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْمَدَائِنِيُّ عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ قَالَ حَجَّ ابْنُ أَبِي الْعَنْبَسِ الثَّقَفِيِّ فَجَاوَرَ وَمَعَهُ ابْنُ ابْنِهِ وَإِلَى جَانِبِهِ قَوْمٌ مِنْ آلِ أَبِي الْحَكَمِ مُجَاوِرُونَ
وَكَانَ الْفَتَى يَجْلِسُ مَجْلِسًا يَشْرُفُ مِنْهُ عَلَى جَارِيَةٍ مِنْهُمْ فَعَشِقَهَا فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا فَأَجَابَتْهُ فَكَانَ يَأْتِيهَا فَيَتَحَدَّثُ إِلَيْهَا فَلَمَّا أَرَادَ جَدَّهُ الرَّحِيلُ جَعَلَ الْفَتَى يَتَأَبَّى فَقَالَ لَهُ جَدُّهُ مَا يُبْكِيكَ يَا بُنَيَّ لَعَلَّكَ ذَكَرْتَ مِصْرَ وَكَانُوا مِنْ أَهْلِ مِصْرَ فَقَالَ نَعَمْ وَأَنْشَأَ يَقُولُ
يُسَائِلُنِي غَدَاةَ الْبَيْنِ جَدِّي ... وَقَدْ بَلَّتْ دُمُوعُ الْعَيْنِ نَحْرِي
أَمِنْ جَزَعٍ بَكَيْتَ ذَكَرْتَ مِصْرَا ... فَقُلْتُ نَعَمْ ومابي ذِكْرُ مِصْرَ
وَلَكِنْ لِلَّتِي خَلَّفْتُ خَلْفِي ... بَكَتْ عَيْنِي وَقَلَّ الْيَوْمَ صَبْرِي
فَمَنْ ذَا إِنْ هَلَكْتُ وَحَانَ يَوْمِي ... يُخْبِرُ وَالِدِي دَائِي وَخَبَرِي
فَيَحْفَظُ أَهْلَ مَكَّةَ فِي هَوَايَ ... وَإِنْ كَانُوا إِلَى قَتْلِي وَضَرِي