قَالَ فَارْتَحَلُوا فَلَمَّا خَرَجُوا عَنْ أَبْيَاتِ مَكَّةَ أَنْشَأَ يَقُولُ
رَحَلُوا وَكُلُّهُمْ يَحِنُّ صَبَابَةً ... شَوْقًا إِلَى مِصْرَ وَدَارِي بِالْحَرَمِ
لَيْتَ الرِّكَابَ غَدَاةً حَانَ فِرَاقُنَا ... كَانَتْ لُحُومًا قُسِّمَتْ فَوْقَ الْوَضَمِ
رَاحُوا سِرَاعًا يَعْمَلُونَ مَطِيَّهُمْ ... قُدُمًا وَبِتُّ مِنَ الصَّبَابَةِ لَمْ أَنَمِ
طُوبَى لَهُمْ يَسْعَوْنَ قَصْدَ سَبِيلِهِمْ وَالْقَلْبُ مُرْتَهِنٌ بِبَيْتِ أَبِي الْحَكَمِ
ثُمَّ إِنَّ الْفَتَى اعْتُلَّ وَاشْتَدَّتْ عِلَّتُهُ فَلَمَّا وَرَدُوا أَطْرَافَ الشَّامِ مَاتَ الْفَتَى فَدَفَنَهُ جَدُّهُ وَوُجِدَ عَلَيْهِ وِجْدًا شَدِيدًا وَقَالَ يُرَثِّيهِ
يَا صَاحِبَ الْقَبْرِ الْغَرِيبِ ... بِالشَّامِ مِنْ طَرَفِ الْكَثِيبِ
لَمَّا سَمِعْتُ أَنِينَهُ ... وَنِدَاءَهُ عِنْدَ الْمَغِيبِ
أَقْبَلْتُ أَطْلُبُ طِبَّهُ ... وَالْمَوْتُ يُعْضِلُ بِالطَّبِيبِ
أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ وَذَكَرَ أَبُو عَمْرِو بْنُ حَيُّوَيْهِ وَنَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّهِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ الْعَامِرِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي رِيَّاحُ بْنُ قُطَيْبٍ الأَسَدِيُّ عَنْ قَرِيبَةِ ابْنَةِ أَبَّاقٍ الدُّبَيْرِيَّةِ قَالَتْ كَانَ عَبْدُ الْمُخَبَّلِ وَهُوَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ يَهْوَى ابْنَةَ عَمٍّ لَهُ يُقَالُ لَهَا أُمُّ عَمْرٍو وَكَانَتْ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيْهِ فَخَلا بِهَا ذَاتَ يَوْمٍ فَنَظَرَ إِلَيْهَا وَهِيَ وَاضِعَةٌ ثِيَابهَا فَقَالَ لَهَا يَا أُمَّ عَمْرٍو هَلْ تَرَيْنَ أَنَّ أَحَدًا مِنَ النِّسَاءِ أَحْسَنُ مِنْكِ قَالَتْ نَعَمْ أُخْتِي مَيْلاءُ أَحْسَنُ مِنِّي قَالَ فَكَيْفَ لِي بِأَنْ تُرِينِيهَا قَالَتْ إِنْ عَلِمَتْ بِكَ لَمْ تُخْرُجْ إِلَيْكَ وَلَكِنْ أُخَبِّأُكَ فِي السِّتْرِ وَأَبْعَثُ إِلَيْهَا فَفَعَلْتُ فَجَاءَتْ مَيْلاءُ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا عَشِقَهَا فَلَمَّا تَرَوَّحَتْ مِنْ عِنْدِ أُخْتِهَا عَارَضَهَا مِنْ مَكَانٍ لَا تَحْتَسِبُهُ فَشَكَا إِلَيْهَا حُبَّهَا وَأَعْلَمَهَا أَنَّهُ قَدْ رَآهَا فَقَالَتْ وَاللَّهِ يَا بن عَمِّ