ذم الهوي (صفحة 548)

وَدَعِ التَّعَتُّبَ وَالتَّذُكُّرَ إِنَّهُ ... يَنْقُلُهُ عَنْكَ أَجِلَّةُ الْعُوَّادِ

قَالَ يَا صَالِحُ وَقَدْ قَالُوا هَذَا قُلْتُ نَعَمْ فَجَعَلَ يَهْذِي وَيَقُولُ

إِنْ كَانَ قَدْ كَرِهُوا زِيَارَةَ عَاشِقٍ ... فَلَرُبَّ مَعْشُوقٍ يَزُورُ الْعَاشِقَا

فَلَمَّا رَجَعَتْ سَأَلُونِي عَنْ قِصَّتِهِ فَقُلْتُ مَا أَخطَأ الجبان

وَلم بَيْتَهُ فَلَمْ يَزَلْ زَائِلَ الْعَقْلِ حَتَّى مَاتَ

أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمد القارىء قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُحَسِّنُ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْوَرَّاقُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الدَّيْبُلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دُرَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدٌ النِّعَالِيُّ غُلامُ أَبِي الْهُذَيْلِ قَالَ انْصَرَفْتُ مِنْ جَِنَازَةٍ وَقْتَ الْهَاجِرَةِ فَتَوَخَّيْتُ سِكَّةً ظَلِيلَةً فَاضْطَجَعْتُ عَلَى بَابِ دَارٍ فَسَمِعْتُ تَرَنُّمًا يَجْذِبُ الْقَلْبَ فَطَرَقْتُ الْبَابَ وَاسْتَسْقَيْتُ مَاءً فَإِذَا فَتَى ابْتَهَرْتُ بِجَمَالِهِ إِلا أَنَّ آثَارَ الْعِلَّةِ وَالسَّقَمِ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَأَدْخَلَنِي إِلَى خَيْشٍ نظيف وفرش سرى وَجَاءَتْ وَصِيفَةٌ مَعَهَا طِسْتٌ وَمِنْدِيلٌ فَغَسَلْتُ رِجْلِيَّ وَجَاءَتْ أُخْرَى بِطِسْتٍ فَغَسَلْتُ يَدَيَّ لِلْطَعَامِ وَأَقْبَلَ الْفَتَى ضَاحِكًا لِيُؤْنِسُنِي وَأَنَا أَعْرِفُ الْعَبْرَةَ فِي عَيْنَيْهِ وَأَقْبَلَ يَأْكُلُ كَأَنَّهُ يُغَصُّ بِمَا يَأْكُلُهُ وَهُوَ فِي ذَلِكَ يُنَشِّطُنِي فَلَمَّا انْقَضَى أَكْلُنَا أُتِينَا بِشَرَابٍ فَشَرِبَ قَدَحًا وَشَرِبْتُ آخَرَ ثُمَّ زَفَرَ زَفْرَةً ظَنَنْتُ أَنَّ أَعْضَاءَهُ قَدِ انْتُقِضَتْ وَقَالَ لِي يَا أَخِي إِنَّ لِي نَدِيمًا فَقُمْ بِنَا إِلَيْهِ

فَقُمْتُ وَتَقَدَّمَنِي فَدَخَلَ مَجْلِسًا فَإِذَا قَبْرٌ عَلَيْهِ ثَوْبٌ أَخْضَرُ وَفِي الْبَيْتِ رَمْلٌ مَصْبُوبٌ فَقَعَدَ عَلَى الرَّمْلِ وَطَرَحَ لِي مُصَلَّى فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَا قَعَدْتُ إِلا كَمَا تَقْعُدُ وَأَقْبَلَ يُرَدِّدُ الْعَبَرَاتِ ثُمَّ شَرِبَ كَأْسًا وَشَرِبْتُ وَأَنْشَأَ يَقُولُ

أَطَأُ التُّرَابَ وَأَنْتَ رَهْنُ حُفَيْرَةٍ ... هَالَتْ يَدَايَ عَلَى صَدَاكَ تُرَابَهَا

إِنِّي لأَغْدَرُ مَنْ مَشَى إِنْ لَمْ أَطَأُ ... بِجِفُونِ عَيْنِيَ مَا حَيِّيتُ جَنَابَهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015