ذم الهوي (صفحة 545)

وَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى مَاتَ فَدُفِنَ إِلَى جَانِبِهَا

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْسَرَةَ قَالَ حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ قَالَ صَحِبَنِي فَتًى فِي بَعْضِ أَسْفَارِي فَكُنْتُ كَثِيرًا أَسْمَعُهُ يَنْشِدُ هَذِهِ الأَبْيَاتَ

أَلا إِنَّمَا التَّقْوَى رَكَائِبُ أُدْلِجَتْ ... وَأَدْرَكَتِ السَّارِي بِلَيْلٍ فَلَمْ يَنَمْ

وَفِي صُحْبَةِ التَّقْوَى غناء وَثَرْوَةٌ ... وَفِي صُحْبَةِ الأَهْوَاءِ ذُلٌّ مَعَ النَّدَمْ

فَلا تَصْحَبِ الأَهْوَاءَ وَاهْجُرْ مُحِبَّهَا وَكُنْ لِلْتُقَى إِلْفًا وَكُنْ فِي التُّقَى عَلَمْ

فَقُلْتُ لَهُ يَوْمًا مَا هَذِهِ الأَبْيَاتُ الَّتِي أَسْمَعُكَ كَثِيرًا تَنْشُدُهَا فَضَحِكَ وَقَالَ كَيْفَ سَأَلْتَنِي عَنْهَا فَقُلْتُ لإِنِّي أَرَاكَ كَثِيرًا مَا تُنْشِدُهَا فَأَرَدْتُ أَنْ أَعْلَمَ مِنْ قَوْلِكَ هِيَ قَالَ لَا وَلَكِنَّهَا مِنْ قَوْلِ أَخٍ لِي وَلَهُ حَدِيثٌ عَجِيبٌ فَقُلْتُ لَهُ حَدَّثَنِي فَقَالَ نَعَمْ

كَانَ لِي أَخٌ وَكُنْتُ أحبه الْحبّ الَّذِي لَا شَيْء بَعْدَهُ فَمَكَثْنَا بِذَلِكَ حِينًا فَلَزِمَ الْحَدِيثَ وَالْفِقْهَ وَالأَدْبَ وَمَا رَأَيْتُ فَتًى مَعَ التَّقْوَى أَمْزَحُ مِنْهُ

قَالَ ثُمَّ تَغَيَّرَ عَنْ بَعْضِ مَا كُنْتُ أَعْهَدُ مِنْهُ مِنَ الْمِزَاحِ وَالسُّرُورِ وَحُسْنِ الْحَدِيثِ فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ مِنْهُ غَمَّنِي وَأَنْكَرْتُهُ فَخَلَوْتُ بِهِ يَوْمًا فَقُلْتُ يَا أَخِي مَا قِصَّتُكَ وَمَا حَالُكَ وَمَا الَّذِي نَزَلَ بِكَ أَخْبِرْنِي فَإِنْ كَانَ مِنْ أَمْرِ الآخِرَةِ سُرِرْتُ بِهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا أَعَنْتُكَ عَلَيْهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015