ومنها: بيان فضل يوم الجمعة، لاختصاصه بساعة الإجابة.

ومنها: فضل الدعاء، واستحباب الإكثار منه.

ومنها: ما قيل: إنه استدلّ به على بقاء الإجمال بعد النبي -صلى الله عليه وسلم-.

وتعقّب بأنه لا خلاف في بقاء الإجمال في الأحكام الشرعية، لا في الأمور الوجودية، كوقت الساعة، فهذا لاختلاف في إجماله، والحكم الشرعي المتعلق بساعة الجمعة، وليلة القدر، وهو تحصيل الأفضليّة يمكن الوصول إليه، والعمل بمقتضاه باستيعاب اليوم والليلة، فلم يبق في الحكم الشرعي إجمال. والله تعالى أعلم.

وبقية فوائد الحديث تقدمت في "باب ذكر فضل يوم الجمعة" -4/ 1373.

[تنبيه]: إن قيل: ظاهر الحديث حصول الإجابة لكلّ داع بالشرط المتقدّم، مع أن الزمن يختلف باختلاف البلاد، والمصلي، فيتقدم بعض على بعض، وساعة الإجابة متعلقة بالوقت، فكيف تتفق مع الاختلاف؟.

أجيب باحتمال أن تكون ساعة الإجابة متعلقة بفعل كلّ مصلّ، كما قيل نظيره في ساعة الكراهة، ولعلّ هذا فائدة جعل الوقت الممتدّ مظنّة لها, وإن كانت هي خفيفة، ويحتمل أن يكون عبر عن الوقت بالفعل، فيكون التقدير وقت جواز الخطبة، أو الصلاة، ونحو ذلك. والله تعالى أعلم. قاله في "الفتح" (?). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

المسألة الرابعة: الحكمة في إخفاء هذه الساعة في هذا اليوم أن يجتهد الناس فيه، ويستوعبوه بالدعاء، ولو عُرفت لخصّوها بالدعاء، وأهملوا ما سواها، وهذا كما أنه تعالى أخفى اسمه الأعظم في أسمائه الحسنى، ليُسأل بجميع أسمائه، وأخفى ليلة القدر في أوتار العشر الأخير، أو في جميع شهر رمضان، أو في جميع السنة على الخلاف في ذلك، ليجتهد الناس في هذه الأوقات كلها، وأخفى أولياءه في جملة المؤمنين حتى لا يُخصّ بالإكرام واحد بعينه.

وقد ورد فيها ما ورد في ليلة القدر من أنه أُعلم بها، ثم أنسيها، رواه أحمد في "مسنده"، والحاكم في "مستدركه" من حديث أبي سعيد الخدريّ -رضي الله عنه-، قال: سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- عنها، فقال: "إني كنت أُعلمتها، ثم أنسيتها، كما أنسيت ليلة القدر".

قال ولي الدين: وإسناده صحيح، قال الحاكم: إنه على شرط الشيخين، ولعل ذلك يكون خيراً للأمة، ليجتهدوا في سائر اليوم، كما قال -صلى الله عليه وسلم- في ليلة القدر حسن أنسيها:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015