"وعسى أن يكون خيراً لكم".
قال الحافظ العراقي في "شرح الترمذي": وإنّ من كان مطلبه خطيراً عظيماً، كسؤال المغفرة، والنجاة من النار، ودخول الجنة، ورضي الله تعالى لجدير أن يستوعب جميع عمره بالطلب، والسؤال، فكيف لا يسهل على طالب مثل ذلك سؤال يوم واحد، كما قال ابن عمر: إن طلب حاجة في يوم يسير.
قال العراقي: ومن لم يتفرغ لاستيعاب اليوم بالدعاء, وأراد حصول ذلك، فطريقه كما قال كعب الأحبار: لو قسم الإنسان جمعةً في جُمع أتى على تلك الساعة.
قال العراقي: وهذا الذي قاله: بناء على أنها مستقرّة في وقت واحد من اليوم، لا تنتقل، وهو الصحيح المشهور. انتهى (?). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
المسألة الخامسة: في اختلاف العلماء في ساعة الجمعة:
لقد حقّق الحافظ رحمه الله تعالى هذا الموضوع، وأجاد فيه في كتابه العديم النظير في بابه، في استقصائه واستيعابه "فتح الباري"، حيث قال:
وقد اختلف أهل العلم من الصحابة والتابعيين، ومن بعدهم في هذه الساعة، هل هي باقية، أو رُفعت؟ وعلى البقاء، هل هي في كلّ جمعة، أو في جمعة واحدة من كل سنة؟ وعلى الأول، هل هي وقت من اليوم معينٌ، أو مبهم؟ وعلى التعيين، هل تستوعب الوقت، أو تبهم فيه؟، وعلى الإبهام ما ابتداؤه، وما انتهاؤه؟ وعلى كل ذلك هل تستمرّ، أو تنتقل؟ وعلى الانتقال، هل تستغرق اليوم، أو بعضه؟ وها أنا أذكر تلخيص ما اتصل إليّ من الأقوال مع أدلتها، ثم أعود إلى الجمع بينها، والترجيح:
فالأول: أنها رُفعت، حكاه ابن عبد البرّ عن قوم، وزيّفه، وقال عياض: رده السلف على قائله، وروي عبد الرزاق، عن ابن جُريج، أخبرني داود بن أبي عاصم، عن عبد الله بن عبس مولى معاوية، قال: قلت لأبي هريرة: إنهم زعموا أن الساعة التي في يوم الجمعة يستجاب فيها الدعاء رُفعت، فقال: كذب من قال ذلك، قلت: فهي في كل جمعة؟ قال: نعم. إسناده قويّ.
وقال صاحب "الهدى": إن أراد قائله أنها كانت معلومة، فرفع علمها عن الأمة، فصارت مبهمة احْتُمل، وإن أراد حقيقتها، فهو مردود على قائله.
القول الثاني: أنها موجودة، لكن في جمعة واحدة من كل سنة، قاله كعب الأحبار