وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ، مَا عَلَى الأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ، إِلاَّ وَهِيَ تُصْبِحُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مُصِيخَةً، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، شَفَقًا مِنَ السَّاعَةِ، إِلاَّ ابْنَ آدَمَ، وَفِيهِ سَاعَةٌ لاَ يُصَادِفُهَا عَبْدٌ مُؤْمِنٌ، وَهُوَ فِي الصَّلاَةِ، يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا، إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ".

قَالَ كَعْبٌ: ذَلِكَ يَوْمٌ فِي كُلِّ سَنَةٍ، قَالَ) وفي نسخة: "فقال" بالفاء (عَبْد اللهِ بن سَلَام: كَذَبَ كَعْبٌ) أي أخطأ، يعني أن كعباً أخطأ في قوله: يوم في كلّ سنة، ولا يريد أنه تعمّد الكذب في ذلك (قُلتُ: ثُمَّ قَرَأَ كَعْبٌ) أي التوراة (فَقَالَ: صَدَقَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، هُوَ فِي كُلِّ جُمْعَةٍ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: صَدَقَ كَعْبٌ، إِنِّي لأَعْلَمُ تِلْكَ السَّاعَةَ) يحتمل أن يكونْ بإخبار النبي -صلى الله عليه وسلم-، ويحتمل أن يكون مما قرأه في التوراة (فَقُلْتُ: يَا أَخِي حَدِّثْنِي بِهَا، قَالَ: هِيَ آخِرُ سَاعَةٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ، فَقُلْتُ: أَلَيْسَ قَدْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "لاَ يُصَادِفُهَا مُؤْمِنٌ، وَهُوَ فِي الصَّلاَةِ"، وَلَيْسَتْ تِلْكَ السَّاعَةَ صَلاَةٌ؟) "تلك" منصوب بنزع الخافض خبر "ليس"، و"الساعة" بدل، أو عطف بيان لاسم الإشارة، و"صلاة" اسم "ليس" مؤخراً عن خبرها، أي ليست الصلاة مشروعة في تلك الساعة (قَالَ) أي عبد الله بن سلام (أَلَيْسَ قَدْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "مَنْ صَلَّى، وَجَلَسَ يَنْتَظِرُ الصَّلاَةَ، فَهُوَ) وفي نسخة: "لم يزل" (في صَلَاتهِ حَتَّى تَأْتِيَه الصَّلَاة الَّتِي تَلِيهَا؟) وفي نسخة: "تلاقيها"، قال أبو هريرة (قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: فَهُوَ كَذَلِكَ) أي الأمر كما سمعته، يعني أن من جلس في تلك الساعة ينتظر صلاة المغرب، فهو في حكم الصلاة، فإذا صادفها، وهو كذلك، استجيب له دعاؤه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته:

حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه هذا صحيح.

المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -45/ 1430 - وفي "الكبرى" -40/ 1754 - بالسند المذكور.

وأخرجه (د) 1046 (ت) 491 (مالك في الموطإ) 88 (أحمد) 2/ 486 و5/ 451 و5/ 453 (ابن خزيمة) 1738. والله تعالى أعلم.

المسألة الثالثة: في فوائده:

منها: ما ترجم له المصنف رحمه الله تعالى، وهو بيان الساعة التي يستجاب فيها الدعاء يوم الجمعة، وهي آخر ساعة منه، وسيأتي اختلاف العلماء في تعيينها في المسألة الخامسة، إن شاء الله تعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015