واستشكل تساوي فضل هذا الذكر بفضل التقرّب بالمال مع شدّة المشقة فيه.
وأجاب الكرماني بأنه لا يلزم أن يكون الثواب على قدر المشقّة في كل حالة، واستدلّ لذلك بفضل كلمة الشهادة، مع سهولتها على كثير من العبادات الشاقّة. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
المسألة الأولى: في درجته:
حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما هذا بهذا السند ضعيف، لأن فيه عتّاب أبن بشير، وخُصيفًا، متكلّم فيهما، كما سبق بيان ذلك في ترجمتهما، فزيادة التهليل عشرًا منكرة، لأنها من طريقهما.
لكن أصل الحديث صحيح أخرجه الشيخان، وغيرهما من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، وغيره، ولذلك توسعت في شرحه، وإلا فالحديث الضعيف لا يحتاج إلى التوسع في شرحه. والله تعالى أعلم.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه: أخرجه هنا -95/ 1353 - وفي "الكبرى" -129/ 1276 - بالسند المذكور.
وأخرجه (ت) رقم -410. والله تعالى أعلم.
المسألة الثالثة: في فوائده:
منها: ما بوّب له المصنف رحمه الله تعالى، وهو بيان نوع آخر مما يقال بعد الصلاة.
ومنها: أن العالم إذا سئل عن مسألة يقع فيها الخلاف يجيب بما يلحق به المفضول درجة الفاضل، ولا يُجيب بنفس الفاضل لئلا يقع الخلاف، كذا قال ابن بطّال، وكأنه أخذه من كونه -صلى الله عليه وسلم- أجاب بقوله: "ألا أدلّكم على أمر تساوونهم فيه"، وعدل عن قوله: نعم هم أفضل منكم بذلك.
ومنها: التوسعة في الغِبْطَة، وهي تمني مثل ما للغير من النعمة دون زوالها عنه، بخلاف الحسد، فإنه تمني زوال النعمة عن المنعم عليه، سواء تمناها لنفسه، أو لا، وقيل: مع تمنيها، وهو مذموم.
ومنها: المسابقة إلى الأعمال المحصّلة للدرجات العالية لمبادرة الأغنياء إلى العمل بما بلغهم، ولم ينكر عليهم النبي -صلى الله عليه وسلم-.
ومنها: أن العمل السهل قد يدرك به صاحبه فضل العمل الشاقّ.
ومنها: فضل الذكر عقب الصلوات، واستدل به البخاريّ رحمه الله على فضل الدعاء