عن الشافعي أنه قال في هذا الحديث: أنه يدخل في سبعين بابا من الفقه
والله أعلم اهـ كلام الحافظ ابن رجب رحمه الله وهو كلام نفيس جدًّا والله أعلم.
المسألة الثانية عشرة:
قال ابن دقيق العيد: قوله "إنما الأعمال بالنيات" لا بد فيه من حذف المضاف، واختلف الفقهاء في تقديره: فالذين اشترطوا النية قدروه: صحة الأعمال بالنيات، أو ما يقاربه، والذين لم يشترطوها قدروه كمال الأعمال بالنيات، أو ما يقاربها، وقد رُجِّحَ الأولُ بأن الصحة أكثر لزوما للحقيقة من الكمال، فالحمل عليه أولى لأن ما كان ألزم للشيء كان أقرب إلى خطوره بالبال عند إطلاق اللفظ فكان الحمل عليه أولى، وكذلك قد يقدرونه إنما اعتبار الأعمال بالنيات، وقد قرب ذلك بعضهم
بنظائر من المثل، كقولهم: إنما المُلْكُ بالرجال، أي: قوامه ووجوده، وإنما الرجال بالمال، وإنما المال بالرعية، وإنما الرعية بالعدل، كل ذلك يراد به أن قوام هذه الأشياء بهذه الأمور اهـ إحكام الأحكام.
وكتب العلامة الصنعاني رحمه الله عند قوله: لا بد من حذف مضاف، ما نصه: أقول: لما أنه معلوم وجود صورة العمل من دون نية فلابد من التقدير لتوقف الصدق على المقدَّر، ولذا قيل: إنه من المجمل لتردده بين المحتملات، والجمهور على خلافه لسبق المقصود إلى اللهم عرفا، فتقدر الصحة: أي لا صحة للأعمال إلا بالنيات، ورجح بأنه الأقرب إلى نفي الذات عن الأعمال لأن ما لا يصح كالعدم.
قلت: إنما لاحظوا الأقرب إلى نفي الذات لأن الكلام ظاهر في نفيها والحَرْف موضوع لذلك، إذ قولك لا رجل في الدار يراد به نفي الذات، أي نفي صفة استقرار الذات في الدار، وكأنهم يتسامحون في العبارة،