وهي طالق لأنها قد انطلقت منه، فأراد الرجل ذلك، فأسقط عنه عمر الطلاق لنيته، قال: وهذا أصل لكل من تكلم بشيء يشبه لفظ الطلاق، والعَتَاق، وهو ينوي غيره، أن القول فيه قوله فيما بينه وبين الله عز وجل، وفي الحكم على تأويل عمر رضي الله عنه، ويروى عن السُّمَيط السَّدُوسيّ، قال: خطبت امرأة فقالوا: لا نُزَوِّجك حتى تطلق امرأتك، فقلت: إني طلقتها ثلاثا، فزوجوني، ثم نظروا فإذا امرأتي عندي، فقالوا: أليس قد طلقتها ثلاثا، فقلت: كان عندي فلانة، فطلقتها، وفلانة فطلقتها، فأما هذه فلم أطلقها فأتيت شقيق بن ثور، وهو يريد الخروج إلى عثمان وافدا، فقلت له: سَلْ أمير المؤمنين عن هذه، فخرج فسأله، فذكر ذلك لعثمان، فجعلها له، فقال: بنيته. خرَّجه أبو عبيد في كتاب الطلاق، وحكى إجماع العلماء على مثل ذلك، وقال إسحاق ابن منصور: قلت لأحمد: حديث السميط تعرفه؟ قال: نعم السدوسي، وإنما جعل نيته بذلك، وقال: فإن كان الحالف ظالما ونوى خلاف ما حلَّفه عليه غريمه لم تنفعه نيته.

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يمينك على ما يصدقك عليه صاحبك" وفي رواية له "اليمين على نية المستحلف" وهو محمول على الظالم، فأما المظلوم فينفعه ذلك، وقد خرّج الإمام أحمد، وابن ماجه من حديث سُوَيد بن حَنْظَلَة قال: خرجنا نريد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومعنا وائل بن حُجْر، فأخذه عدوّ له، فتحرج الناس أن يحلفوا، فحلفت أنا أنه أخي، فخلي سبيله، وأتينا النبي، فأخبرته أن القوم تحرجوا أن يحلفوا، فحلفت أنا أنه أخي، فقال: "صدقت، المسلم أخو المسلم".

وكذلك قد تدخل النية في الطلاق والعتاق، فإذا أتى بلفظ من ألفاظ الكنايات المحتملة للطلاق أو العتاق، فلابد له من النية، وهل يقوم مقام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015