بطلانه، بل الأحاديث كلها على معنى واحد، والنية شيء واحد تعددت أحكامها إلى إثابة وعقوبة بالنظر إلى تعدد البواعث، وكذا اختلف أخذ الدائن من مال المدين لاختلاف البواعث أيضا، اختلاف القتل العمد والخطأ وشبه العمد قيل في البواعث.

ومن هنا علمت أن المراد بالنية في حديث الباب هو هذا المعنى اللغوي، وأن تقسيم النية الذي في أثناء الحديث باعتبار بواعثها، فمن كان باعث هجرته رضاء الله ورسوله فهجرته مقبولة مثاب صاحبها، ومن كان باعث هجرته المرأة والدنيا فهجرته لا أجر فيها ولا وزر، ويحتمل أن يكون مأزورا لأنه طلب الدنيا بما صورته عمل الآخرة أي في هذا الحديث لقرينة السياق. وأما في غيره فمدار الإثم والإثابة على تحقق قصده، فإن قصد الأمر المباح غير مُغَرِّر بمحض الطاعة فلا إثم عليه، إذ طلب المباح غير إثم من حيث هو طلب مباح، وإلا كان إثما بالتغرير.

والحاصل أن هنا صورا أربعا:

الأولى: أن يقصد أمرا محرما كالرياء والسمعة كان آثما لحديث الأربعة.

الثانية: أن يقصد أمرا غير محرم كإعلاء كلمة الله فقط كان مأجورا أجر المجاهد المخلص.

الثالثة: أن يقصد أمرا مباحا فقط كالغنيمة فقط فإنه إذا تجرد قصد المجاهد لها لا غير لم يأثم إن صحبتها نية أنها كسب من الحلال أجر أجر كاسب الحلال.

الرابعة: أن يقصد الغنيمة وإعلاء كلمة الله كان له أجر الجهاد وهي رتبة أدنى ممن لم يلاحظ إلَّا على إعلاء كلمة الله فقط.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015