فلا يشمل إلا قسما واحدا، وهو تقصير بالحديث عن معناه وإخراج له عما أريد به، فعرفت أنه لا يتم حمله على أي المعنيين، وإن حمل على معنى ثالث شامل للمعنيين ليشمل القسمين فما في المعنيين لا يشمل، ثم الحمل على المعنييين فرع ثبوت الشرعي، وهو محل النزاع إذ لم يثبت بدليل، ونحن باقون على الأصل، وهو عدم إثبات معنى شرعي، وبه يتم بطلان قول الشيخ إبراهيم: إنه ورد على المعنى الأعم وفساده، ويعلم أنه محمول على معناه اللغوي: أي يبعثون على قيد بواعثهم ودواعيهم بين مثاب ومعاقب.

فالأحاديث كلها واردة إخبارا على أن أفعال العباد دارت على البواعث والدواعي إثابة وعقوبة، وتحقيقه ما قال الغزالي: إن العضو لا يتحرك إلا بالقدرة، والقدرة تنتظر الداعية الباعثة، والداعية تتنظر العلم والمعرفة أو الظن والاعتقاد، فإذا جزمت المعرفة بأن الشيء موافق له فلابد أن يُفعل، وسلمت عن معارضة باعث آخر صارف عنه انبعثت الإرادة، فإذا انبعثت الإرادة انبعثت القدرة بتحريك الأعضاء، فالقدرة خادمة للأرادة، والإرادة متابعة لحكم الاعتقاد والمعرفة انتهى.

فهذا الباعث الصادر عن الاعتقاد والمعرفة إن كان ما أمر به الشارع فالنية المُثَارة عنه موافقة لمراده تعالى مثاب فاعلها وإلا فلا، وقد أخبر الله تعالى عن هذه البواعث المأمور بها والمنهي عنها بقوله: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا} [الإنسان: آية 9]، {وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (19) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى} [الليل: آية 19 - 20] {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} [الأنفال: آية 67]، وبهذا عرفت أن النية غير منقسمة إلى شرعية ولغوية، وعرفت أنه لا وجه لجعل النية ذات أفراد وتقاسيم ورسوم متغايرات تقضي بتغاير ما هيتها، وأعم وأخص، وإدخال بعض الأحاديث في الأعم مما قد صح لك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015