وإذا عرفت هذا عرفت بطلان القول بأن الحديث محمول على المعنى اللغوي ليحسن تطبيقه على ما بعده، وتقسيم أحوال المهاجر فإنه تفصيل لما أجمل النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنما قلنا: إنه باطل لأن المعنى اللغوي لم يعتبر فيه إثابة ولا عقوبة كما عرفت، والتقسيم في أثناء الحديث اعتبر فيه ذلك أو بعضه، ومعنى المقسم معتبر في الأقسام ضرورة دخولها تحته دخول الأخص تحت الأعم، وإلا لما كانت أقسامَهُ.

فالتحقيق ما سمعت من أنه تقسيم للحوامل والبواعث في فوات الأعمال بالحوامل والبواعث، فباعث النية في هذا الفعل وهو الهجرة إن كان ابتغاءَ مرضات الله ورسوله فهي هجرة لله ورسوله، وإن كانت المرأةَ والدنيا فليست لله ورسوله، لا يقال: يحمل قولهم في رسم اللغوي حالا ومآلا وجلب نفع ودفع ضر على ما يشمل الإثابة والعقوبة فيتم التقسيم في حديث الباب لأنا نقول منع منه أمران:

الأول: أن الإثابة والعقوبة أمور شرعية لا يعرفها أهل اللغة قبل الشرع.

والثاني: أنه لو أريد ذلك لما احتيج إلى القول بأنه خصصها الشرع، ولما افتقر إلى تقسيمها إلى لغوي وشرعي، ولا يصح، ثم لا يخفى أن رسم البيضاوي شامل لأفراد النية المأجور صاحبها كما عرفت، إلا أنه لا يخفى أنه أورده رسما للنية العامة كما عرفت من سياقه، وقد طال الكلام حتى كاد أن يكون رسالة مستقلة، ولا ينكر طوله فإنه في حديث مفرد يأتي بجمع، ولذا قيل: إنه ثلث العلم. (من البسيط).

فقَدْ أطالَ ثَنَائي طُولُ لابِسِهِ ... إنَّ الثَّنَاءَ عَلَى التِّنْبَال تنْبَالُ

اهـ. العدة، جـ 1/ ص 56 - 61.

التنبال بالكسر: القصير كالتنبالة قاله في "ق" يعني الثناء على القصير قصير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015