ولما كان هذا البيت المبارك المطهّر أشرف بيوت العالم على الإطلاق خصّهم الله سبحانه وتعالى منه بخصائص:

منها: أنه جعل فيه النبوّة والكتاب، فلم يأت بعد إبراهيم عليه السلام نبي إلا من أهل بيته.

ومنها: أنه سبحانه جعلهم أئمةً يَهدون بأمره إلى يوم القيامة، فكلّ من دخل الجنّة من أولياء الله بعدهم، فإنما دخل من طريقهم، وبدعوتهم.

ومنها: أنه سبحانه اتخذ منهم الخليلين: إبراهيم، ومحمداً صلى الله وسلم عليهما، وقال تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: 125] وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله اتخذني خليلاً، كما اتخذ إبراهيم خليلاً" (?). وهذا من خواصّ أهل البيت.

ومنها: أنه سبحانه جعل صاحب هذا البيت إماماً للعالمين، كما قال تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا} [البقرة: 124].

ومنها: أنه أجرى على يديه بناء بيته الذي جعله قياماً للناس، وقبلةً لهم، وحجّا، فكان ظهورُ هذا البيت من أهل هذا البيت الأكرمين.

ومنها: أنه أمر عباده بأن يصلّوا على أهل هذا البيت، كما صلى على أهل بيتهم وسلفهم، وهم إبراهيم وآله، وهذه خاصّة لهم.

ومنها: أنه أخرج منهم الأمتين المعظّمتين التي لم تخرج من أهل بيت غيرهم، وهم أمة موسى، وأمة محمد صلى الله وسلم عليهما، وأمة محمد -صلى الله عليه وسلم- تمام سبعين أمةً، هم خيرها، وأكرمها على الله (?).

ومنها: أن الله سبحانه أبقى عليهم لسان صدق، وثناء حسناً في العالَم، فلا يُذكرون إلا بالثناء عليهم، والصلاة والسلام عليهم، قال الله تعالى: {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (108) سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109) كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} [الصافات: 108 - 110].

ومنها: جعل أهل هذا البيت فَرْقاً بين الناس، فالسعداء أتباعهم، ومحبوهم، ومن تولّاهم، والأشقياء مَن أبغضهم، وأعرض عنهم، وعاداهم، فالجنة لهم ولأتباعهم، والنار لأعدائهم ومخالفيهم.

ومنها: أنه سبحانه جعل ذكرهم مقروناً بذكره، فيقال: إبراهيم خليل الله، ورسوله، ونبيّه، ومحمد رسول الله، وخليله، ونبيّه، وموسى كليم الله، ورسوله، قال تعالى لنبيه -صلى الله عليه وسلم- يذكّره بنعمته عليه: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: 4].

قال ابن عبّاس -رضي الله عنهما-: إذا ذُكرتُ ذُكرتَ معي، فيقال: لا إله إلا الله، محمد رسول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015