وبارك عليه، وبارك له. وفي القرآن: {أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا} [النمل: 8]، وفيه: {وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ} [الصافات: 113] وفيه: {بَارَكْنَا فِيهَا} [الأعراف: 37] , وفي الحديث: "وبارك لي فيما أعطيت" (?). وفي حديث سعد: "بارك الله لك في أهلك ومالك" (?).

والمبارك الذي قد باركه الله سبحانه، كما قال المسيح عليه السلام: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ} [مريم: 31]، وكتابه مبارك، كما قال تعالى: {وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ} [الأنبياء: 50] وقال: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ} [ص: 29] وهو أحقّ أن يُسمّى مباركاً من كلّ شيء، لكثرة خيره، ومنافعه، ووجوه البركة فيه، والرّبُّ سبحانه وتعالى يقال في حقّه "تبارك"، ولا يقال: مبارك.

والمقصود الكلام على قوله: "وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم".

فهذا الدعاء يتضمّن إعطاءه من الخير ما أعطاه لآل إبراهيم، وإدامته وثبوته له، ومضاعفته له، وزيادته، هذا حقيقة البركة، وقد قال الله تعالى في إبراهيم وآله: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (112) وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ} [الصافات: 112 - 113] وقال تعالى فيه وفي أهل بيته: {رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ} [هود: 73].

قال الإمام ابن القيّم رحمه الله: وتأمل كيف جاء في القرآن: {وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ} ولم يُذكر إسماعيل، وجاء في التوراة ذكر البركة على إسماعيل، ولم يُذكر إسحاق, فجاء في التوراة ذكر البركة في إسماعيل، إيذاناً بما حصل لبنيه من الخير والبركة، لا سيما خاتمة بركتهم، وأعظمها وأجلها برسول الله -صلى الله عليه وسلم- (?)، فنبّههم بذلك على ما يكون في بنيه من هذه البركة العظيمة الموافية على لسان المبارك -صلى الله عليه وسلم-، وذكر لنا في القرآن بركته على إسحاق، منبّهاً لنا على ما حصل في أولاده، من نبوة موسى عليه السلام، وغيره، وما أوتوه من الكتاب والعلم، مستدعياً من عباده الإيمانَ بذلك، والتصديقَ به، وأن لا يهملوا معرفة حقوق هذا البيت المبارك، وأهل النبوّة منهم، ولا يقول القائل: هؤلاء أنبياء بني إسرائيل لا تعلّق لنا بهم، بل يجب علينا احترامهم، وتوقيرهم, والإيمان بهم، ومحبتهم، وموالاتهم، والثناء عليهم، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015