-صلى الله عليه وسلم-.

وتقرير هذا أنه يكون قد صُلِّيَ عليه خصوصاً، وطُلِبَ له من الصلاة ما لآل إبراهيم، وهو داخل معهم، ولا ريب أن الصلاة الحاصلة لآل إبراهيم، ورسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- معهم أكمل من الصلاة الحاصلة له دونهم، فيُطلب له من الصلاة هذا الأمر العظيم الذي هو أفضل مما لإبراهيم قطعًا، وتظهر حينئذ فائدة التشبيه، وجريه على أصله، وأن المطلوب له من الصلاة بهذا اللفظ أعظم من المطلوب له بغيره، فإنه إذا كان المطلوب بالدعاء إنما هو مثل المشبّه به، وله أوفر نصيب منه صار له من المشبّه المطلوب أكثر مما لإبراهيم وغيره، وانضاف إلى ذلك مما له من المشبّه به من الحصّة التي لم تحصل لغيره.

فظهر بهذا من فضله وشرفه على إبراهيم، وعلى كلٍّ من آله، وفيهم النبيّون ما هو اللائق به، وصارت هذه الصلاة دالّةً على هذا التفضيل وتابعةً له، وهي من موجَبَاته، ومُقْتَضَياته.

فصلى الله عليه، وعلى آله، وسلّم تسليماً كثيراً، وجزاه الله عنّا أفضل ما جزى نبيًا عن أمته.

اللَّهمّ صلّ على محمد، وعلى آل محمد، كما صلّيتَ على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد. انتهى كلام العلامة ابن قيّم الجوزيّة رحمه الله تعالى باختصار في بعض المواضع، وتصرف يسير (?). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

المسألة السادسة:

في بيان مَعْنَى البركة المذكورة في قوله: "وبارِكْ على محمد" الخ.

(اعلم): أن حقيقة البركة: الثبوت، واللزوم والاستقرار، فمنه بَرَكَ البعيرُ: إذا استقرّ على الأرض، ومنه الْمَبْرَك لموضع البُرُوك. قال في "الصَّحاح": وكلّ شيء ثبت وأقام، فقد بَرَكَ، والْبَرْكُ. الإبل الكثيرة، والبِرْكَة -بكسر الباء- كالحوض، والجمع البِرَك، قال: ويقال: سمّيت بذلك لإقامة الماء فيها. والْبَرَاكَاءُ: الثبات فى الحرب، والْجِدُّ فيها، قال الشاعر: [من الوافر]

وَلَا يُنْجِي مِنَ الغَمَرَاتِ إِلا ... بَرَاكَاءُ الْقِتَالِ أَوِ الْفِرَارُ

والبركة: النَّمَاءُ والزيادة، والتبريك: الدعاء بذلك، ويقال: باركه الله، وبارك فيه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015