لإبراهيم عليه الصلاة والسلام، فيحصل له من الصلوات ما لا يُحصى مقداره بالنسبة إلى الصلاة الحاصلة لإبراهيم.

قال ابن القيم رحمه الله: وهذا أيضاً ضعيف، فإن التشبيه هنا إنما هو واقع في صلاة الله عليه، لا في معنى صلاة المصلي، ومعنى هذا الدعاء: اللَّهمّ أعطه نظير ما أعطيت إبراهيم، فالمسؤول له صلاة مساوية للصلاة على إبراهيم، وكلّما تكرر هذا السؤال كان هذا معناه، فيكون كلّ مصلّ قد سأل الله أن يصلي عليه صلاة دون التي يستحقّها، وهذا السؤال والأمر به متكرّر، فهل هذا إلّا تقويةً لجانب الإشكال؟.

ثم إن التشبيه واقع في أصل الصلاة وأفرادها، ولا يغني جوابكم عنه بقضية التكرار شيئاً، فإن التكرار لا يجعل جانب المشبه ده أقوى من جانب المشبه، كما هو مقتضى التشبيه، فلو كان التكرار يجعله كذلك لكان الاعتذار به نافعاً، بل التكرار يقتضي زيادة تفضيل المشبّه وقوّته، فكيف يشبّه حينئذ بما هو دونه؟ فظهر ضعف هذا الجواب.

وقالت طائفة أخرى: آل إبراهيم فيهم الأنبياء الذين ليس في آل محمد مثلهم، فإذا طُلب للنبي -صلى الله عليه وسلم-، ولآله من الصلاة مثل ما لإبراهيم وآله -وفيهم الأنبياء- حصل لآل النبي -صلى الله عليه وسلم- من ذلك ما يليق بهم، فإنهم لا يبلغون مراتب الأنبياء، وتبقى الزيادة التي للأنبياء، وفيهم إبراهيم لمحمد -صلى الله عليه وسلم-، فيحصل له بذلك من المزيّة ما لم يحصل لغيره.

وتقرير ذلك أن تجعل الصلاة الحاصلة لإبراهيم ولآله، وفيهم الأنبياء جملة مقسومة على محمد -صلى الله عليه وسلم-وآله، ولا ريب أنه لا يحصل لآل النبي -صلى الله عليه وسلم- مثل ما حصل لآل إبراهيم، وفيهم الأنبياء، بل يحصل لهم ما يليق بهم، فيبقى قسم النبي -صلى الله عليه وسلم- والزيادة المتوفّرة التي لم يستحقّها آله مختصّةً به -صلى الله عليه وسلم-، فيصير الحاصل له من مجموع ذلك أعظم، وأفضل من الحاصل لإبراهيم.

قال ابن القيّم رحمه الله: وهذا أحسن من كلّ ما تقدّمه.

قال: وأحسن منه أن يقال: محمد -صلى الله عليه وسلم- هو من آل إبراهيم، بل هو خير آل إبراهيم، كما رَوَى عليُّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 33] قال ابن عبّاس -رضي الله عنهما-: محمد من آل إبراهيم، وهذا نصّ، فإنه إذا دخل غيره من الأنبياء الذين هم من ذرية إبراهيم في آله، فدخول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أولى، فيكون قولنا: كما صلّيت على آل إبراهيم متناولاً للصلاة عليه، وعلى سائر النبيين من ذرّية إبراهيم.

ثمّ أمرنا الله أن نصلي عليه، وعلى آله خصوصاً بقدر ما صلّينا عليه مع سائر آل إبراهيم عموماً، وهو فيهم، ويحصل لآله من ذلك ما يليق بهم, ويبقى الباقي كلّه له

طور بواسطة نورين ميديا © 2015