كما أفاده حديث الأربعة الذين هم أول من تسعر بهم النار، وحديث "ويبعث مرائيا مكاثرا" وإن كان ما أباحه الله كالغزو لقصد الغنيمة كان له ما نوى كحديث "من غزا لا ينوي إلا عقالا فله ما نوى" والأظهر أنه لا يكون آثما لأنه طلب ما أحله الله ووعد به {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا} [الفتح: آية 20]، وإن كان قصد المقصد الأدنى بجهاده، فإن المجاهد من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، فالقول بأن حديث "يبعثون على نياتهم" ونحوه ورد على المعنى الأعم غير صحيح، بل ورد على بيان اختلاف أحوال القتلى في الجزاء على حسب الدواعي والبواعث كما صح به في حديث الأربعة من قوله "ليقال" فإنه بيان للدواعي الحاملة على تعلم العلم وقراءة القرآن والجراءة والجود، وكذلك مكاثرا ومرائيا، وكحديث الباب فإنه قسم الهجرة باعتبار ذلك بيانا للحوامل والبواعث وإنما عبر بالنيات في هذا وفي حديث الباب أيضا تعبيرا عن السبب باسم المسبب مجازا، وإن كان الأصل الحقيقة فالصارف ما ذكرناه من الصرائح ولا يقال: فليعكس، ويُدَّعَى المجاز فيما عبر فيه بالنيات كحديث الباب ونحوه؛ لأنا نقول العكس لا يتم إلا بعد قيام الدليل على نقل النية، ولا دليل ولا مُلجىء، بل الدليل القاهر قائم على أنه لا يصح دخول هذه الأحاديث التي زعم الشيخ إبراهيم أنها داخلة تحت المعنى الأعم، إذ الأحاديث سيقت لبيان انقسام الناس في الآخرة إلى مُثابين ومُعاقَبين بالبواعث والحوامل، فحديث "يبعث المقتولون على نياتهم" ورد في القوم يهلكون مهلكا واحدا ويصدرون مصادر شتى، أي منقسمين إلى مُعاقب ومُثاب، ففيهم المثاب، ولا يدخل تحت المعنى اللغوي، إذا لم

يصرح فيه بقيد ابتغاء رضوان الله أو عدمه، والمعاقب أيضا إذا لم يصرح فيه بعدمه لا يدخل تحته، وحينئذ فلا يتم حمل الحديث على المعنى اللغوي أصلا، ولا على الشرعي؛ لأنه أخذ فيه قيد ابتغاء رضوان الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015