عليها كما يوضحه حديث أبي هريرة عند مسلم في الأربعة الذين هم أوّل من يقضى بينهم يوم القيامة "رجل استشهد" وفيه "فيقال له كذبت، ولكنك قاتلت ليقال: جريء فقد قيل" وفي قارئ القرآن كذلك "ولكنك قرأت ليقال قارئ، فقد قيل" ومثله في العالم والمنافق.

وحديث ابن عمر عند أبي داود: "إن قاتلت صابرا محتسبا بعثك الله صابرا محتسابا، وإن قاتلت مكاثرا مرائيا بعثك الله مكاثرا مرائيا" انتهى.

قال الصنعاني: وهذا التقسيم للنية وإن جرى عليه أئمة أعلام، فلا يخفى ما فيه على ذوي الأفهام، وهو أن النية من أفعال القلوب كما رسموها بقولهم انبعاث القلب الخ. وأفعال القلوب كأفعال الجوارح لم ينقل الشارع مسماه عن الاسم اللغوي، إذا لم يقصد بها وجه الله تعالى، فإن الشارع لم ينقل حركة البدن بالسجود لله عن مسماها بالسجود للصنم، بل الكل سجود، ولا نقل حركته بالطواف لله عن مسماه بالطواف للصنم، بل الكل باق على مسماه اللغوي. فإن حركة البدن بالصلاة لله لم تنقل بالصلاة رياء وسمعة عن مسماها، بل المسمى في الكل واحد: سجود، وطواف، وصلاة من غير نقل، ولا زيادة قيد، لكن هذا مأمور به وهذا منهي عنه، فكذلك حركة القلب بالنية وانبعاثه باق على مسماه لغة لم ينقلها الشرع ولا خصصها ولا هنا معنى لغوي ومعنى شرعي كما قال الحافظ محمول على المعنى اللغوي، وقال البيضاوي: والشرع خصصها، وقال الشيخ إبراهيم: قد استعملها الشرع في المعنيين، بل نقول: الشارع لم ينقلها ولم يخصصها، وإنما جاء الشارع ببيان أن الداعي والباعث لهذه النية إن كان ابتغاء مرضاة الله واتباع أمره فهي التي طلبها الله من عباده {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: آية 5]، فكان صاحبها مأجورا، وإن كان الباعث غير ذلك فإن كان ما نهى الله عنه كالرياء والسمعة كان مأزورا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015