وقال العراقي: إذا تقرر أنها للحصر، فتارة تقتضي الحصر المطلق، وهو الأغلب أكثر، وتارة تقتضي حصرا مخصوصا، كقوله تعالى {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ} وقوله {إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} [محمد - صلى الله عليه وسلم -: آية 36] فالمراد حصره في النذارة لمن لا يؤمن، ونفي قدرته على ما طلبوا من الآيات، وأراد بالآية الثانية الحصر بالنسبة إلى من آثرها، أو هو من باب تغليب الغالب على النادر، وكذا قوله في الحديث "إنما أنا بشر" أراد بالنسبة إلى الاطلاع على بواطن الخصوم، وبالنسبة إلى جواز النسيان عليه. قال ابن دقيق العيد: ويفهمُ ذلك بالقرائن والسياق. اهـ طرح جـ 2/ ص 6.
المسألة التاسعة:
قال العراقي: المراد بالأعمال هنا: أعمال الجوارح كلها حتى تدخل في ذلك الأقوال، فإنها من عمل اللسان، وهو من الجوارح، قال ابن دقيق العيد: ورأيت بعض المتأخرين من أهل الخلاف خَصَّص الأعمال بما لا يكون قولا، وأخرج الأقوال من ذلك، قال: وفي هذا عندي بُعْد، ولا تردد عندي في أن الحديث يتناول الأقوال أيضا. اهـ، طرح جـ 2/ ص 7.
قال الجامع عفا الله عنه: ويتناول الحديث أيضا التروك لأنها أفعال، قال الشيخ إبراهيم الكردي: الترك إذا أريد به كف النفس، فهو فعل اختياري، وكل فعل اختياري يختلف باختلاف النيات، وقد صح "إذا أراد عبدي أن يعمل سيئة" إلى قوله "وإن تركها من أجلي فاكتبوها له حسنة".
ومفهومه أنه إذا لم يتركها من أجل الله لا تكتب له حسنة، وهو كذلك كما قاله الغزالي وغيره.