قال الصنعاني: بل قد نقل الشيخ نفسه أنه قد قيل إذا تركها لخوف المسلمين كان آثما. قال الشيخ: "ومن حسن إسلام المرأ تركه ما لا يعنيه" فنقول: الكف إن كان تركا للشر لله فهو خير، وإن كان تركا للخير بلا عذر شرعي فهو شر، والعمل قد أطلق على الخير والشر، قال الله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8} [الزلزلة: آية 7 - 8]، ويوضحه أن الكف قد أطلق عليه أنه صدقة كما في حديث أبي ذر "كف شرك عن الناس، فإنها صدقة منك على نفسك" أخرجه ابن أبي الدنيا (?) وفي حديث معاذ عند الديلمي "أفضل الصدقة حفظ اللسان" والأصل الحقيقة، ولا صارف، ولا سيما وقد ورد "كل معروف صدقة" وترك الأذى والشر من المعروف ولا شبهة، والصدقة من أفضل الأعمال فالكف عن الأذى والشر من أفضل الأعمال، فالتروك من الأعمال، وهو المطلوب، انتهى. ونقله العلامة الصنعاني في العدة حاشية العمدة، وناقشه فيه بما تركته لعدم جدواه.
المسألة العاشرة: النية بتشديد الياء على المشهور، وحكي التخفيف أيضا كما تقدم، وقد ورد بلفظ الإفراد فيه، وفي العمل أيضا، وقد ورد بلفظ الجمع أيضا، وكلها صحاح.
واختلف في حقيقة النية: فقيل: هي الطلب، وقيل: الجدُّ في الطلب، ومنه قول ابن مسعود: ومن ينو الدنيا تُعجزُه. أي من يجدّ في طلبها، وقيل: القصد للشيء بالقلب، وقيل: عزيمة القلب، وقيل: هي من النَّوى بمعنى البُعْد، فكأن الناوي للشيء يطلب بقصده وعزمه ما لم يصل إليه بجوارحه وحركاته الظاهرة لبعده عنه، فجعلت النية وسيلة