سجدتين". وجميع أسباب السجود لا تكون إلا زيادة أو نقصًا، أو مجموعهما. انتهى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
المسألة العاشرة: في اختلاف أهل العلم في حكم التشهد والسلام بعد سجدتي السهو:
(اعلم): أنهم اختلفلوا أيضا في سجود السهو، هل يعقبه تشهد وسلام، أم لا؟، أم أحدهما؟ وهل يحتاج إذا وقع بعد السلام إلى تكبيرة الإحرام، أم لا؟
فروى ابن أبي شيبة عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه يتشهد فيها، ويسلم. وعن حماد بن أبي سليمان، والحكم كذلك، وعن إبراهيم النخعي أيضًا، ورواه عبد الرزاق عن قتادة.
وقال آخرون: لا تشهد بعدها، ولا تسليم، روى ابن أبي شيبة ذلك عن أنس بن مالك، والحسن البصري، والشعبي، وعطاء بن أبي رباح على خلاف عنه.
وقال آخرون: يُسلّم بعدها، ولا يتشهد، روي هذا عن سعد بن أبي وقّاص، وعمّار بن ياسر، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وعن إبراهيم النخعي، والحسن البصري أيضًا، وحكاه ابن عبد البرّ عن ابن سيرين. وقد روى ابن أبي شيبة عن ابن سيرين أنه قال: أحبّ إلي أن يتشهد فيهما. وحكى ابن عبد البرّ أيضًا عن يزيد بن قُسيط أنه يتشهّد بعدهما، ولا يسلم، قال: وهو رواية أيضًا عن الحكم بن عُتيبة، وحماد، والنخعي. فهذه أقوال المتقدمين.
وأما الأئمة الأربعة، فقال القاضي عياض -رحمه الله-: مذهب مالك -رحمه الله- أنه إذا كانتا -يعني السجدتين- بعد السلام، فيتشهد لهما، ثم يسلم، ثم اختُلفَ عنه، هل يجهر بسلامهما الإمام كسائر الصلوات، أم يسرّ، ولا يجهر؟، واختُلف عنه، هل لهما تكبيرة إحرام أم لا؟، واختلف عنه، هل يتشهد لهما إذا كانتا قبل السلام أم لا؟.
وأشار القرطبي إلى ترجيح القول باشتراط تكبيرة الإحرام إذا كانتا بعد السلام، لكن قول مالك لم يختلف في وجوب السلام، وما يُتحلل منه بسلام لابدّ من تكبير يُتَحرّم به كسائر الصلوات.
ومذهب أبي حنيفة أنه يتشهد بعد سجدتي السهو، ثم يسلم، ولا يحتاج عندهم إلى تكبيرة إحرام، لأنه لم يخرج بالسلام الذي قبل سجود السهو من الصلاة أصلًا.
هذا قول محمد بن الحسن، حتى قال: يجوز للمقتدي أن يأتمّ به ابتداء بعد ما سلّم، ويكون كالمسبوق.
وقال أبو حنيفة وأبو يوسف: إن سجد للسهو بعد ما سلم لم يكن خارجًا من الصلاة بسلامه ذلك، وجاز أن يُؤتمّ به، وإن أعرض عن السجود، وكان بذلك السلام خارجًا