فتين بهذا أن الحديث فيه زهير بن سالم منكر الحديث، وسيأتي عن العلائي أن فيه علةً أخرى، وهو الانقطاع، فلا يصحّ. فتنبه. والله تعالى أعلم.

قال العلائي رحمه الله تعالى: والذي اعتمده البيهقي في ردّ هذا الحديث بعد ما ضعّفه: الروايات المستفيضة الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سلم، وتكلّم، ومشى، واقتصر على سجدتين، مع تعدد السهو، كما تقدم ذلك في أحاديث ذي اليدين، وسيأتي ما يتعلق بهذه المسألة إن شاء الله تعالى، وأن هذا الحديث لا يلزم منه الدلالة على تعدد السجود بتعدد السهو.

وإذا ردّ هذا الفصل لمعارضته ما هو أرجح منه وأثبت، وأكثر طرقًا، وأصحّ، لا يلزم منه ردّ الأمر الآخر، أعني تعيّن السجود بعد السلام، لأنه معتضد بحديث ابن مسعود، وعبد الله بن جعفر، وبفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - غير مرّة.

فهذا معتمد القائلين بأن سجود السهو بعد السلام على الإطلاق، ويَردّ عليهم حديثُ أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - الذي عَيَّن فيه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الأمر بسجود السهو قبل السلام، وهو صحيح أخرجه مسلم كما تقدم.

وكذلك الروايات التي تقدمت في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - بتعيين سجود السهو قبل السلام، وهي مما يحتجّ بها، وحديث عبد الله ابن بُحَينة المتفق على صحته، ولم يُختلف فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد قبل السلام.

فأجابوا عن حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - بأن مالكًا وجماعةً أرسلوه، وهو جواب ضعيف، لأن وصله، وإسناده ثابت محكوم بصحته كما تقدم، ثم هو أرجح من جهة السند من حديث عبد الله بن جعفر، ومن حديث ثوبان، لخلوّ إسناد أبي سعيد عن متكلم فيه، واشتمال حديث ابن جعفر على مصعب بن شيبة، وهو متكلم فيه، وهذا، وإن كان مندفعًا باحتجاج مسلم به، ولكن يظهر فائدته في الترجيح عند التعارض، كما صرّح به الشيخ أبو عمرو ابن الصلاح في كتابه "علوم الحديث".

وحديث ثوبان فيه إسماعيل بن عيّاش، وقد تُكُلِّم فيه كثيرًا، وقال فيه أبو إسحاق الفزاري: لا تأخذوا عن إسماعيل بن عيّاش شيئًا، لا ما روى عن المعروفين، ولا غيرهم، ثم لو قبلناه على قول أحمد والبخاري، فحديث أبي سعيد الخدري أصحّ منه.

ثم لحديث ثوبان علة أخرى غيرُ إسماعيل بن عيّاش، وهي أنه اختلف فيه عليه، فرواه هكذا عنه عمرو بن عثمان الحمصي وحده متصلًا، وخالفه عثمان بن أبي شيبة، وشُجاع بن مخلد، وأبو توبة الربيع بن نافع، فرووه عن إسماعيل بن عياش، عن عبيد الله بن عُبيد، عن زهير بن سالم، عن عبد الرحمن بن جُبير بن نفير، عن ثوبان،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015