معروف روى عنه جماعة، وهو مقلّ.

وأما مصعب بن شيبة، فقد احتجّ به مسلم، ووثقه يحيى بن معين، وقال فيه أحمد ابن حنبل: روى مناكير، وقال أبو حاتم الراوي: ليس بقوي، وقال النسائي: منكر الحديث.

ومنها: حديثُ ثوبان - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لكل سهو سجدتان بعد ما تُسلّمُ". أخرجه أبو داود، وابن ماجه.

وهذا أقوى ما يحتجّون به لتعميم محالّ السهو بصيغة "كل"، ولأن أبا داود أخرجه، وسكت عنه، والقاعدة التي يسلكها الشيخ محيي الدين -رحمه الله- كثيرًا بأن كلّ ما سكت عنه أبو داود فهو حجة لا زمة له هنا، لكنه قال في "شرح المهذب": هذا حديث ضعيف ظاهر الضعف، ولم يُبيّن ضعفه من أي وجه.

والحديث مداره على إسماعيل بن عياش، قال: حدثنا عبيد الله بن عبيد الكلاعي، عن زهير بن سالم العنسي، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن ثوبان - رضي الله عنه -.

وعبيد الله بن عُبيد، وزُهير بن سالم، وثقهما ابن حبان، ولم يُتَكَلَّم فيهما ما علمتُ. وعبد الرحمن بن جُبير، وأبوه احتجّ بهما مسلم.

فالذي يُتَعَلَّق عليه في هذا الحديث هو إسماعيل بن عياش، فقد ضعفه النسائي وجماعة، وقال ابن حبان: لا يُحتجّ به.

وفي هذا التعلق نظر، فقد وثقه ابن معين، ويعقوب بن سُفيان، وجماعة. وقال يزيد ابن هارون: ما رأيت أحفظ من إسماعيل بن عياش، وقال أحمد بن حنبل والبخاري: إذا حدّث عن أهل بلده -يعني الشاميين- فصحيح، وإذا حدّث عن غيرهم ففيه نظر، وكذلك قال يحيى بن معين في رواية: ليس به بأس في أهل الشام، وقال دُحَيم: هو في الشاميين غاية. وهكذا ابن عديّ بعد ذكر ما قيل فيه: وفي الجملة هو ممن يُحتجّ به في الشاميين خاصّةً.

فهذا القول هو الصحيح الذي استقرّ عليه العمل، وهذا الحديث من روايته عن أهل الشام، فتضعيفه فيه نظر.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: لكن الذي يظهر -كما قال بعض المحققين- أن إعلال هذا الحديث ليس من جهة إسماعيل، بل من جهة زهير بن سالم، فإنه -وإن وثقه ابن حبان- قال فيه الدارقطني: حمصي منكر الحديث، روى عن ثوبان، ولم يسمع منه. انظر "تهذيب التهذيب" جـ 3 ص 344.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015