الشمالين، ولا ننازعهم في أن ذا الشمالين قتل يوم بدر، لأن ابن إسحاق وغيره من أهل المغازي ذكروه فيمن قتل ببدر.
قال ابن إسحاق: ذو الشمالين. عمير بن عمرو بن غبشان، من خزاعة.
فذو اليدين غير ذي الشمالين المقتول ببدر، لأن ذا اليدين اسمه الخرباق بن عمرو، ذكره مسلم في رواية، وهو من بني سُلَيم، كما ذكره مسلم في "صحيحه".
وقال غير ابن عبد البرّ: وقد عاش ذو اليدين الخرباق بن عمرو بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - زمانا.
قال ابن عبد البرّ: فذو اليدين المذكور في حديث السهو غير المقتول ببدر، هذا قول أهل الحذق والفهم من أهل الحديث والفقه.
قال: وأما قول الزهري: إن المتكلم في حديث السهو ذو الشمالين، فلم يتابع عليه، قال: وقد اضطرب الزهري في حديث ذي اليدين اضطرابًا أوجب عند أهل العلم بالنقل تركه من روايته خاصة.
ثم ذكر طرقه، وبيّن اضطرابها في المتن والإسناد، وذكر عن مسلم بن الحجاج تغليطه الزهري في هذا الحديث.
قال ابن عبد البرّ: لا أعلم أحدا من أهل العلم بالحديث المصنفين فيه عوّل على حديث الزهري في قصة ذي اليدين، وكلهم تركه لاضطرابه، وإن كان إمامًا عظيمًا في هذا الشأن، فالغلط لا يسلم منه بشر، وكل أحد يؤخذ من قوله، ويترك، إلا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقول الزهري: إنه قتل يوم بدر متروك، لتحقق غلطه فيه.
قال النووي رحمه الله: هذا مختصر قول ابن عبد البرّ، وقد بسط رحمه الله شرح هذا الحديث بسطا لم يبسطه غيره مشتملًا على التحقيق والإتقان والفوائد الجمّة رحمه الله، ورضي عنه.
وذكر البيهقي رحمه الله بعض هذا مختصرًا، فمما قال: إنه لا يجوز أن يكون حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - منسوخًا بحديث ابن مسعود - رضي الله عنه -، لتقدم حديث ابن مسعود، فإنه كان حين رجع من الحبشة، ووجوعُهُ منها كان قبل هجرة النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، ثم هاجر إلى المدينة، وشهد بدرًا، فحديثه في التسليم كان قبل الهجرة، ثم روى البيهقي ذلك بأسانيده.
ثم نقل اتفاق أهل المغازي على أن ابن مسعود - رضي الله عنه - قدم مكة من هجرة الحبشة قبل هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، وأنه شهد بدرًا بعد ذلك.
ثم روى البيهقي بإسناده عن الحميدي شيخ البخاري أنه حمل حديث ابن مسعود