بالحكم، ولم يأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بالإعادة، قالوا: وقياسًا على السلام سهوا، وعمدة المذهب حديث ذي اليدين.

واعترض القائلون بالبطلان عليه أن هذا الحديث منسوخ بحديث ابن مسعود، وزيد ابن أرقم - رضي الله عنهما -، قالوا: لأن ذا اليدين قتل يوم بدر، ونقلوا عن الزهري أن ذا اليدين قتل يوم بدر، وأن قصته في الصلاة كانت قبل بدر, ولا يمنع من هذا كون أبي هريرة رواه، وهو متأخر الإسلام عن بدر، لأن الصحابي قد يروي ما لا يحضره، بأن يسمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو صحابي.

وأجاب أصحابنا وغيرهم من العلماء عن هذا بأجوبة صحيحة حسنة مشهورة، أحسنها، وأتقنها ما ذكره الإمام الحافظ أبو عمر بن عبد البرّ في "التمهيد"، قال: أما دعواهم أن حديث أبي هريرة منسوخ بحديث ابن مسعود، فغلط، لأنه لا خلاف بين أهل الحديث والسير أن حديث أبن مسعود - رضي الله عنه - كان بمكة حين رجع من الحبشة قبل الهجرة (?)، وأن حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في قصة ذي اليدين كان بالمدينة، وإنما أسلم أبو هريرة عام خيبر سنة سبع من الهجرة بلا خلاف.

وأما حديث زيد بن أرقم - رضي الله عنه -، فليس فيه أنه قبل حديث أبي هريرة، أو بعده، والنظر يشهد أنه قبله.

قال: وأما قولهم: إن أبا هريرة لم يشهد ذلك، فغلط، بل شهوده له محفوظ من روايات الثقات الحفاظ، ثم ذكر بأسانيده الروايات الثابتة في صحيح البخاري ومسلم وغيرهما أن أبا هريرة قال: "صلى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، وفي رواية "صلى بنا"، وفي رواية صحيح مسلم وغيره عن أبي هريرة، قال: "بينا أنا أصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الظهر سلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الركعتين، فقال رجل من بني سليم. . ."، وذكر الحديث.

قال ابن عبد البرّ رحمه الله: وقد روى قصة ذي اليدين مع أبي هريرة ابنُ عمر، وعمرانُ بن الحُصَين، ومعاوية بن حُدَيج -بضم الحاء المهملة- وابن مسعدة، رجل من الصحابة، وكلهم لم يحفظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا صَحبَه إلا بالمدينة متأخرا، ثم ذكر أحاديثهم بطرقها، قال: وابن مسعدة هذا يقال له صاحب الجيوش، اسمه عبد الله، معروف في الصحابة، له رواية.

قال: وأما قولهم: إن ذا اليدين قتل يوم بدر، فغلط، وإنما المقتول يوم بدر ذو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015