بوروده على نجاسة لشق وأدى إلى أن لا يطهر شيء حتى يغمس في قلتين، وفي ذلك أشد الحرج، فسقط. والله أعلم اهـ كلام النووي رحمه الله في المجموع باختصار 1/ 112 - 118.
وقال الحافظ في الفتح: قول من لا يعتبر إلا التغير وعدمه قوي، لكن الفصل بالقلتين أقوى لصحة الحديث فيه، وقد اعترف الطحاوي من الحنفية بذلك، لكنه اعتذر من القول بأن القلة في العرف تطلق على الكبيرة والصغيرة، كالجرة، ولم يثبت من الحديث تقديرهما، فيكون مجملا، فلا يعمل به، وقواه ابن دقيق العيد، لكن استدل له غيرهما، فقال أبو عبيد القاسم بن سَلاَّم: المراد القلة الكبيرة، إذ لو أراد الصغيرة لم يحتج لذكر العدد، فإن الصغيرتين قدر واحدة كبيرة، ويرجع في الكبيرة إلى العرف عند أهل الحجاز، والظاهر أن الشارع عليه السلام ترك تحديدهما على سبيل التوسعة والعلم محيط بأنه ما خاطب الصحابة إلا بما يفهمون فانتهى الإجمال. اهـ كلام الحافظ 1/ 414.
وقال الزيلعي في نصب الراية: قال البيهقي في كتاب المعرفة: وقلال هجر كانت مشهورة عند أهل الحجاز، ولشهرتها عندهم شبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما رأى في ليلة العراج من نبق سدرة المنتهى بقلال هجر، فقال في حديث مالك بن صعصعة: "رفعت إليَّ سدرة المنتهى فإذا ورقها مثل آذان الفيلة، وإذا نبقها مثل قلال هجر" قال: واعتذار الطحاوي في ترك الحديث أصلا بأنه لا يعلم مقدار القلتين لا يكون عذرا عند من عَلمه. انتهى.
وقال الحافظ في الفتح بعد نقل كلام البيهقي هذا: فإن قيل: أيّ ملازمة بين هذا التشبيه وبين ذكر القلة في حد الماء، فالجواب: أن التقييد بها في حديث المعراج دالّ على أنها كانت معلومة عندهم بحيث يُضرب