ومسلم، فنهاه - صلى الله عليه وسلم - عن غمس يده في الإناء وعلله بخشية النجاسة، ويعلم بالضرورة أن النجاسة التي تكون على يده، وتخفى عليه لا تغير الماء، فلولا تنجيسه بحلول نجاسة لم تغيره لم ينهه، وبحديث أبي هريرة أيضا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا" رواه الشيخان، وفي رواية لمسلم: "فليرقه ثم ليغسله سبع مرات" فالأمر بالإراقة والغسل دليل النجاسة، وبحديث أبي قتادة رضي الله عنه أنه كان يتوضأ، فجاءت هرة، فأصغى لها الإناء فشربت فتُعُجِّبَ منه، فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنها ليست بنجس، إنها من الطوافين عليكم والطوافات" حديث صحيح رواه مالك في الموطأ، وأبو داود، والترمذي، وغيرهم، قال الترمذي: حديث حسن صحيح، وفيه دلالة ظاهرة أن النجاسة إذا وردت على الماء نجسته، واحتجوا، بغير ذلك من الأحاديث.

وأما الجواب عن الحديث الذي احتجوا به فهو: أنه محمول على قلتين فأكثر، فإنه عام، وحديث القلتين خاص، فوجب تقديمه جمعا بين الحديثين.

والجواب عن قياسهم على ما إذا ورد الماء على النجاسة، من وجهين:

أحدهما: من حيث النص، وهو أنه - صلى الله عليه وسلم - فرق بينهما، وذلك في حديثين: أحدهما "إذا استيقظ أحدكم" فمنع - صلى الله عليه وسلم - من إيراد اليد على الماء، وأمر بإيراده عليها ففرق بينهما، والثاني أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر بإراقة ما ولغ فيه الكلب لورود النجاسة، وأمر بإيراد الماء على الإناء.

والجواب الثاني: من حيث المعنى وهو أنا إذا نجسنا دون القلتين لورود النجاسة لم يشق، لإمكان الاحتراز منها، ولو نجسنا دون القلتين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015