الثالث: فعله استحبابا، وتنظفا، فإن النفس تعافه، والمشهور عن ابن عباس أن الماء لا يتنجس إلا بالتغير كما نقله ابن المنذر وغيره.

وأما قياسهم على المائع فجوابه من أوجه:

أحدها: أنه قياس يخالف السنة فلا يلتفت إليه.

الثاني: أنه لا يشق حفظ المائع وإن كثر، بل العادة حفظه.

الثالث: أن للماء قوة في دفع النجس بالإجماع، وهو إذا كان بحيث لا يتحرك طرفه الآخر بخلاف المائع.

الرابع: للماء قوة رفع الحدث، فكذا له دفع النجس، بخلاف المائع.

وأما قياسهم على الماء القليل فجوابه ظاهر مما ذكرناه.

قال النووي: قال أصحابنا: اعتبرُوا حدًا واعتبرنا حدًا، وحَدُّنا ما حدَّه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الذي أوجب الله تعالى طاعته وحرم مخالفته، وحدهم مخالف حده - صلى الله عليه وسلم -، مع أنه حد بما لا أصل له، وهو أيضا حد لا ضبط فيه فإنه يختلف بضيق موضع الماء وسعته، وقد يضيق موضع الماء الكثير لعمقه، ويتسع موضع الماء القليل لعدم عمقه.

وأما مالك وموافقوه فاحتُجَّ لهم بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الماء طهور لا ينجسه شيء" وهو حديث صحيح، وبالقياس على القلتين، وعلى ما إذا ورد الماء على النجاسة.

قال النووي: واحتج أصحابنا عليهم بحديث القلتين، وقد وافقنا مالك رحمه الله على القول بدليل الخطاب، وبحديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها، فإنه لا يدري أين باتت يده" رواه البخاري

طور بواسطة نورين ميديا © 2015