وإذا قيل في حمل المعنى: فلان لا يحمل الضيم، فمعناه لا يقبله ولا يلتزمه، ولا يصبر عليه، قال تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا} [سورة الجمعة: 5] معناه لم يقبلوا أحكامها، ولم يلتزموها، والماء من هذا الضرب لا يتشكك في هذا من له أدنى فهم ومعرفة، والله أعلم.

والجواب عما احتج به الحنفية من حديث "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم، ثم يغتسل فيه" من وجهين:

أحدهما: أنه عام مخصوص بحديث القلتين.

الثاني وهو الأظهر: أنه نهي تنزيه، فيكره كراهة شديدة، وسبب الكراهة الاستقذار لا النجاسة، ولأنه يؤدي إلى كثرة البول وتغير الماء به.

وأما قولهم: أن زنجيا مات في زمزم فنَزَحَهَا ابن عباس، فجوابه من ثلاثة أوجه، أجاب بها الشافعي ثم أصحابه، أحسنها: أن هذا الذي زعموه باطل لا أصل له، قال الشافعي: لقيت جماعة من شيوخ مكة فسألتهم عن هذا، فقالوا: ما سمعنا هذا، وروى البيهقي، وغيره عن سفيان بن عيينة إمام أهل مكة، قال: أنا بمكة منذ سبعين سنة، لم أر أحدًا لا صغيرًا ولا كبيرًا يعرف حديث الزنجي الذي يقولونه، وما سمعت أحدًا يقول: نُزحَت زمزم، فهذا سفيان كبير أهل مكة قد لقي خلائق من أصحاب ابن عباس، وسمعهم، فكيف يتوهم بعد هذا صحة هذه القصة التي من شأنها إذا وقعت أن تشيع في الناس لا سيما أهل مكة، لا سيما أصحاب ابن عباس، وحاضروها، وكيف يصل هذا إلى أهل الكوفة، ويجهله أهل مكة، وقد رَوَى البيهقي هذا عن ابن عباس من أوجه كلها ضعيفة، لا يلتفت إليها.

الثاني: لو صح لحمل على أن دمه غلب على الماء فَغَيَّرَه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015