بقلال هجر فقط.
فإن قالوا: يحمل على البخاري، فالجواب: أن الحديث عام يتناول البخاري، والراكد، فلا يصح تخصيصه بلا دليل، ولأن توقيته بقلتين يمنع حمله على البخاري عندهم، فإن قالوا: لا يصح التمسك به لأنه متروك بالإجماع في المتغير بنجاسة، فالجواب أنه عام خصص في بعضه فبقي الباقي على عمومه، كما هو المختارفي الأصول.
فإن قالوا: قد رَوى ابنُ عُليَّة هذا الحديث موقوفًا على ابن عمر، فالجواب: أنه صح موصولا مرفوعا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من طرق الثقات، فلا يضر تفرد واحد بوقفه، وقد روى البيهقي وغيره بالإسناد الصحيح عن يحيى بن معين إمام هذا الشأن، أنه سئل عن هذا الحديث، فقال: جيد
الإسناد، قيل له: فإن ابن علية لم يرفعه؟ قال يحيى: وإن لم يحفظ ابن علية، فالحديث جيد الإسناد.
فإن قالوا: إنما لم يحمل الخبث لضعفه عنه، وهذا يدل على نجاسته، فالجواب: أن هذا جهل بمعاني الكلام، وبطرق الحديث، أما جهل قائله بطرق الحديث، ففي رواية صحيحة لأبي داود "إذا بلغ الماء قلتين لم ينجس" فإذا ثبتت هذه الرواية تعين حمل الأخرى عليها، وأن معنى لم يحمل خبثا لم ينجس، وقد قال العلماء: أحسن تفسير غريب الحديث أن يفسر بما جاء في رواية أخرى لذلك الحديث.
وأما جهله بمعاني الكلام، فبيانه من وجهين:
أحدهما: أنه - صلى الله عليه وسلم - جعل القلتين حَدّا، فلو كان كما زعم هذا القائل، لكان التقييد بذلك باطلا، فإن ما دون القلتين يساوي القلتين في هذا.
الثاني: أن الحمل ضربان: حمل جسم، وحمل معنى، فإذا قيل في حمل الجسم: فلان لا يحمل الخشبة مثلا، فمعناه لا يطيق ذلك لثقلها،