الصلاة فعلها كما هو المعنى الحقيقي، ومنه قوله تعالى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ} [البقرة: 3] فإنه لا كراهة في فعل النافلة عند إقامة المؤذن قبل الشروع في الصلاة، وإذا كان المراد المعنى الأول، فهل المراد به الفراغ من الإقامة؛ لأنه حينئذ يشرع في فعل الصلاة، أو المراد شروع المؤذن في الإقامة؟ قال العراقي: يحتمل أن يراد كل من الأمرين، والظاهر أن المراد شروعه في الإقامة، ليتهيأ المأمومون لإدراك التحريم مع الإِمام.

ومما يدل على ذلك، قوله في حديث أبي موسى رضي الله عنه عند الطبراني: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً صلى ركعتي الفجر حين أخذ المؤذن يقيم، قال العراقي: وإسناده جيد. ومثله حديث ابن عباس رضي الله عنهما عند أبي داود الطيالسي، قال: كنت أصلي، وأخذ المؤذن في الإقامة، فجذبني نبي الله -صلى الله عليه وسلم-، وقال: "أتصلي الصبح أربعًا؟ " ورواه أيضًا البيهقي، والبزار، وأبو يعلى، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في المستدرك، وقال: إنه على شرط الشيخين، والطبراني (?).

قال الجامع عفا الله عنه: أرجح الأقوال عندي قول من قال بتحريم التنفل وقت إقامة الصلاة، لظهور أدلته، كما استظهرهُ الشوكاني رحمه الله تعالى. قال الحافظ أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله بعد ذكر المذاهب وأدلتها، ما نصه: هذا القول -يعني القول بكراهة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015