وفي "صحيح مسلم" عن مسروق أيضًا، قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: قوله تعالى: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [النجم: 8، 9]؟ فقالت: إنما ذلك جبريل، كان يأتيه في صورة الرجال، وإنه أتاه هذه المرة في صورته فسَدَّ أفُقَ السماء.
وفي "صحيحي البخاري ومسلم" عن عائشة أن الحارث بن هشام سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله كيف يأتيك الوحي؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أحيانًا يأتيني مثل صَلْصَلَة الْجَرَسَ، وهو أشده علي، فيفصم عني، وقد وَعَيْتُ عنه ما قال، وأحيانًا يتمثل لي الملك رجلًا، فيكلمني، فأعي ما يقول"، قالت عائشة: "ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد، فَيُفْصَمُ عنه، وإن جبينه ليَتَفَصَّد عَرَقًا".
قال أهل اللغة: الفَصْم: القطع بغير إبانة، ومعناه: يفارقني على أن يعود. وفي صحيحيهما عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجودَ الناس، وكان أجودُ ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان، فيدارسه القرآن، فلرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجود بالخير من الريح المرسلة".
وفي "صحيح البخاري" عن ابن عباس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لجبريل: "ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا، فنزلت {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا} [مريم: 64].
وفيه أيضًا عن البراء رضي الله عنه، قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لحسان