وقال تعالى: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} [النجم: 5] الآيات، المراد بشديد القوى جبريل عليه السلام، وقال تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} [النجم: 13، 14] الآية، المراد رأى جبريل، هذا قول الجمهور، فرآه النبي - صلى الله عليه وسلم - على صورته له ستمائة جناح مرتين، وقال تعالى: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21) وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22) وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23) وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (24)} [التكوير: 19، 24].
وثبت في صحيح البخاري ومسلم في حديث المبعث عن عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاءه جبريل، وهو يتعبد في غار حراء، فأخذه، فغطه، ثم أرسله، فقال: اقرأ، ثم غطه ثانية، وثالثة، يقول له: مثل ذلك، ثم قال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)} [العلق: 1 - 5].
وفي "صحيح مسلم" عن ابن مسعود في قول الله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} قال: رأى جبريل في صورته له ستمائة جناح. وعن مسروق، قال: قلت لعائشة رضي الله عنه: ألم يقل الله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23)}، {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى}؟ فقالت: أنا أول هذه الأمة سأل عن ذلك رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: "إنما هو جبريل، لم أره على صورته التي خلق عليها غير هاتين المرتين، رأيته منهبطًا من السماء سَادًا عِظَمُ خلقته ما بين السماء والأرض".