قال ابن المُنَيِّر: إنما استصعب البراق تَيْهًا (أي فخرًا أو تكبرًا)، وزهْوًا (عطف تفسير لـ"تيهًا") بركوب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأراد جبريل استنطاقه، فلذلك خَجلَ، وارفضَّ عَرَقًا من ذلك، وقريب من ذلك رَجْفَةُ الجبل به حتى قالَ له: "اثبت فإنما عليك نبي وصديق وشهيد"، فإنها هزَّةُ الطَّرَب، لا هزَّةُ الغَضَب.
ووقع في حديث حذيفة عند أحمد، قال: "أتي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بالبراق، فلم يزايل ظهره هو وجبريل حتى انتهيا إلى بيت المقدس"، فهذا لم يُسندْه حذيفة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيحتمل أنه قال عن اجتهاد، ويحتَمل أن يكون قوله: هو وجبريل يتعلق بمرافقته في السير، لا في الركوب.
قال ابن دحية وغيره: معناه: وجبريل قائد، أو سائق، أو دليل، قال: وإنما جزمنا بذلك لأن قصة المعراج كانت كرامة للنبي - صلى الله عليه وسلم - فلا مدخل لغيره فيها.
قال الحافظ: ويرد التأويل المذكور: أن في صحيح ابن حبان من حديث ابن مسعود أن جبريل حمله على البراق رَديفًا، وفي رواية الحارث في مسنده، "أتِيَ بالبراق، فركب خلف جبريَل، فسار بهما" فهذا صريح في ركوبه، فالله أعلم.
وأيضًا فإن ظاهره أن المعراج وقع للنبي - صلى الله عليه وسلم - على ظهر البراق إلى أن صعد السموات كلها، ووصل إلى ما وصل، ورجع، وهو على حاله، وفيه نظر لما سأذكره، ولعل حذيفة إنما أشار إلى ما وقع في ليلة الإسراء