قال الجامع عفا الله عنه: الأرجح عندي قول من قال بوجوب الصلاة على فاقد الطهورين، وعدم وجوب الإعادة عليه.

قال أبو محمَّد بن حزم رحمه الله تعالى: ومن كان مَحْبوسًا في حضر، أو سفر بحيث لا يجد ترابا ولا ماء، أو كان مصلوبا، وجاءت الصلاة فليصل كما هو، وصلاته تامة، ولا يعيدها سواء وجد الماء في الوقت، أو لم يجده إلا بعد الوقت.

بُرْهانُ ذلك قول الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: آية 16] وقوله: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: آية 286] وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" وقوله: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: آية 119] فصح بهذه النصوص أنه لا يلزمنا من الشرائع إلا ما استطعنا، وأن ما لم نستطعه فساقط عنا، وصح أن الله تعالى حَرَّمَ علينا ترك الوضوء أو التيمم للصلاة إلا أن نضطر إليه، والممنوع من الماء والتراب مضطر إلى ما حُرِّمَ عليه من ترك التطهر بالماء أو التراب، فسقط عنه تحريم ذلك عليه، وهو قادر على الصلاة بتوفيتها أحكامها، وبالإيمان (?)، فبقي عليه ما قدر عليه، فإذا صلى كما ذكرنا فقد صلَّى

كما أمره الله تعالى، ومن صلَّى كما أمره الله تعالى فلا شيء عليه، والمبادرة إلى الصلاة في أول الوقت أفضل لا ذكرنا قَبْل.

ثم ذكر اختلاف العلماء في المسألة إلى أن قال: وأما من قال: لا يصلي أصلا فإنهم احتجوا بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُقبلُ صلاة من أحدث حتى يتوضأ" وقال عليه السلام: "لا يقبل الله صلاةً بغير طهور" قالوا: فلا نأمره بما لم يقبله الله تعالى, لأنه في وقتها غير متوضئ ولا متطهر، وهو بعد الوقت محرم عليه تأخير الصلاة عن وقتها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015