قال أبو محمَّد: هذا كان أصح الأقوال لولا ما ذكرنا من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أسقط عنا ما لا نستطيع مما أمرنا به، وأبقى علينا ما نستطيع، وأن الله تعالى أسقط عنا ما لا نقدر عليه وأبقى علينا ما نقدر عليه بقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: آية 16] فصح قوله عليه السلام: "لا يقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ" و"لا يقبل الله صلاة إلا بطهور" إنما كلف ذلك من يقدر على الوضوء أو الطهور بوجود الماء أو التراب، لا من لا يقدر على وضوء ولا تيمم، هذا هو نص القرآن والسنن, فلما صح ذلك سقط عنا تكليف ما لا نطيق من ذلك، وبقي علينا تكليف ما نطيق، وهو الصلاة، فإن ذلك كذلك فالمصلي كذلك مُؤدٍّ ما أمر به فلا قضاء عليه، ومن أدى ما أمربه فلا قضاء عليه.

فكيف وقد جاء في هذا نص، ثم ذكر حديث عائشة رضي الله عنها المذكور في هذا الباب، وقال: فهذا أُسيد وطائفة من الصحابة مع حكم الله تعالى ورضاء نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وبالله التوفيق. انتهى كلام ابن حزم رحمه الله تعالى. باختصار (?).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي قاله أبو محمَّد رحمه الله تعالى هو التحقيق الحقيق بالقبول، وما عداه لا يؤيده منقول ولا معقول. والله أعلم.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015