وقال الحافظ رحمه الله: عند قول البخاري في صحيحه: "بابٌ إذا لمِ يجد ماء ولا ترابا" ما نصه: قال ابن رُشَيد: كأن المصنف نَزَّلَ فَقْد شَرْعية التيمم منزلة فقد التراب بعد شرعية التيمم، فكأنه يقول: حكمهم في عدم المطهر الذي هو الماء خاصة كحكمنا في عدم المُطَهِّرَين الماء والتراب، وبهذا تظهر مناسبة الحديث للترجمة, لأن الحديث ليس فيه أنهم فقدوا التراب، وإنما فيه أنهم فقدوا الماء فقط، ففيه دليل على وجوب الصلاة لفاقد الطهورين، ووجهه أنهم صلوا معتقدين وجوب ذلك، ولو كانت الصلاة حينئذ ممنوعة لأنكر عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وبهذا قال الشافعي، وأحمد، وجمهور المحدثين، وأكثر أصحاب مالك، لكن اختلفوا في وجوب الإعادة، فالمنصوص عن الشافعي وجوبها، وصححه أكثر أصحابه، واحتجوا بأنه عذر نادر، فلم يسقط الإعادة، والمشهور عن أحمد، وبه قال المُزَني، وسحنُون، وابن المنذر: لا تجب، واحتجوا بحديث الباب, لأنها لو كانت واجبة لبَيَّنَها النبي - صلى الله عليه وسلم -، إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.
وتُعُقِّبَ بأن الإعادة لا تجب على الفور، فلم يتأخر البيان عن وقت الحاجة، وعلى هذا فلابد من دليل على وجوب الإعادة.
وقال مالك، وأبو حنيفة في المشهور عنهما: لا يصلي، لكن قال أبو حنيفة، وأصحابه: يجب عليه القضاء، وبه قال الثوري، والأوزاعي، وقال مالك فيما حكاه عنه المدنيون: لا يجب عليه القضاء.
وهذه الأقوال الأربعة هي المشهورة في المسألة. وحكى النووي في شرح المهذب عن القديم: تستحب الصلاة وتجب الإعادة، وبهذا تفسير الأقوال خمسة. انتهى كلام الحافظ رحمه الله (?).