وجوب الطهارة بعد القيام الي الصلاة لأنه جعل القيام إليها شرطا لفعل الطهارة وحكم الجزاء أن يتأخر عن الشرط ألا ترى أن من قال لأمرأته إن دخلت الدار فأنت طالق إنما يقع الطلاق بعد الدخول، وهذا لا خلاف فيه بين أهل اللغة أنه مقتضى اللفظ وحقيقته، وإلى هذا ذهب أهل الظاهر فقالوا: الوضوء سببه القيام إلى الصلاة فكل من قام إليها فعليه أن يتوضأ. والجواب عن هذا أن معنى الآية إذا قمتم إلى الصلاة من مضاجعكم فاغسلوا الخ، أو إذا قمتم إلى الصلاة وأنتم محدثون فاغسلوا، والدليل على ذلك من السنة:

ما رواه مسلم في صحيحه عن سليمان بن بريدة، عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الصلوات يوم الفتح بوضوء واحد، ومسح على خفيه، فقال له عمر رضي الله عنه: لقد صنعت اليوم شيئا لم تكن تصنعه، فقال: "عمدا صنعته يا عمر". ورواه النسائي والترمذي والطحاوي. فدل هذا الحديث على أن القيام إلى الصلاة غير موجب للطهارة إذ لم يجدد النبي - صلى الله عليه وسلم - الطهارة لكل صلاة فثبت بذلك أن في الآية مقدرا يتعلق به إيجاب الوضوء، وهو إذا قمتم إلى الصلاة من مضاجعكم. وروى الطحاوي في معاني الآثار، وأبو بكر الرازي في الأحكام، والطبراني في الكبير من طريق جابر عن عبد الله بن أبي بكر بن محمَّد بن عمرو بن حزم، عن عبد الله بن علقمة بن الفَغْواء، عن أبيه: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أجنب أو أُهراق الماء إنما نكلمه فلا يكلمنا، ونسلم عليه فلا يرد علينا حتى نزلت {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة}، فدل هذا الحديث على أن الآية نزلت في إيجاب الوضوء من الحدث عند القيام إلى الصلاة، وأن التقدير في الآية إذا قمتم إلى الصلاة وأنتم محدثون، ولكن في سند هذا الحديث جابر الجعفي ضعيف رافضي. (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015