وأما الإنبات، فهو أن يَنْبُت الشعرُ الخشنُ حولَ ذكر الرجل، او فرج المرأة، الذي استحق أخذه بالموسى، وأما الزَّغَبُ (?) الضعيف، فلا اعتبار به، فإنه يثبت فِي حق الصغير، وبهذا قَالَ مالك، والشافعي، وأحمد، فِي قول، وَقَالَ الشافعيّ فِي قوله الآخر: هو بلوغٌ فِي حق المشركين، وهل هو بلوغ فِي حق المسلمين فيه قولان. وَقَالَ أبو حنيفة: لا اعتبار به؛ لأنه نبات شعر، فأشبه نبات شعر سائر البدن.

واحتجّ الأولون بأن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لما حَكَّم سعد بن معاذ -رضي الله عنه- فِي بني قريظة حَكَم بأن تُقتل مقاتلتهم، وتُسبى ذراريهم، وأمر أن يُكشف عن مؤتزرهم، فمن أنبت فهو منْ المقاتلة، ومن لم ينبت ألحقوه بالذرية، وَقَالَ عطية القرظي: عُرِضت عَلَى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يوم قريظة، فشَكُّوا فِيَّ، فأمر النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، أن يُنظَر إليَّ، هل أنبتُّ، بعدُ؟ فنظروا إليّ، فلم يجدوني أنبتّ بعدُ، فألحقوني بالذرية، متَّفقٌ عَلَى ما معناه. وكتب عمر رضي الله عنه إلى عامله أن لا تَأخُذِ الجزيةَ إلا ممن جرت عليه المواسي. وروى محمد بن يحيى بن حبّان أن غلاما منْ الأنصار، شَبَّب بإمرأة فِي شعره، فرُفع إلى عمر -رضي الله عنه- فلم يجده أنبت، فَقَالَ: لو أنبت الشعر لحددتك، ولأنه خارج يلازمه البلوغ غالبا، ويستوي فيه الذكر والأنثى، فكان علما عَلَى البلوغ، كالاحتلام، ولأن الخارج ضربان: متصل، ومنفصل، فلما كَانَ منْ المنفصل ما يثبت به البلوغ، كَانَ كذلك المتصل، وما كَانَ بلوغا فِي حق المشركين، كَانَ بلوغا فِي حق المسلمين، كالاحتلام، والسن.

وأما السن: فإن البلوغ به فِي الغلام والجارية بخمس عشرة سنة، وبهذا قَالَ الأوزاعي، والشافعي، وأبو يوسف، ومحمد، وَقَالَ داود: لا حد للبلوغ منْ السن؛ لقوله عليه السلام: "رُفع القلم عن ثلاث: عن الصبي حَتَّى يحتلم"، وإثبات البلوغ بغيره، يخالف الخبر، وهذا قول مالك، وَقَالَ أصحابه: سبع عشرة، أو ثماني عشرة، ورُوري عن أبي حنيفة فِي الغلام روايتان، إحداهما: سبع عشرة، والثانية ثماني عشرة، والجارية سبع عشرة بكل حال؛ لأن الحد لا يثبت إلا بتوقيف، أو اتفاق، ولا توقيف فِي هَذَا، ولا إتفاق.

واحتج الأولون بأن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، قَالَ: "عُرضت عَلَى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأنا ابن أربع عشرة سنة، فلم يُجزني فِي القتال، وعرضت عليه، وأنا ابن خمس عشرة، فأجازني"، متَّفقٌ عليه، وفي لفظ: "عرضت عليه يوم أحد، وأنا ابن أربع عشرة، فردني، ولم يرني بلغت، وعرضت عليه عام الخندق، وأنا ابن خمس عشرة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015