فأجازني"، فأُخبر بهذا عمر بن عبد العزيز، فكتب إلى عماله، أن لا تفرضوا إلا لمن بلغ خمس عشرة، رواه الشافعيّ فِي "مسنده"، ورواه الترمذيّ، وَقَالَ: حديث حسن صحيح. ورُوي عن أنس -رضي الله عنه- أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "إذا استكمل المولود خمس عشرة سنة، كُتب ما له، وما عليه، وأُخذت منه الحدود"، ولأن السن معنى يحصل به البلوغ، يشترك فيه الغلام والجارية، فاستويا فيه، كالإنزال، وما ذكره أصحاب أبي حنيفة، ففيما رويناه جواب عنه، وما احتج به داود، لا يمنع إثبات البلوغ بغير الاحتلام، إذا ثبت بالدليل، ولهذا كَانَ إنبات الشعر عَلَمًا عليه. وأما الحيض فهو عَلَمٌ عَلَى البلوغ، لا نعلم فيه خلافا، وَقَدْ قَالَ النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار"، رواه الترمذيّ، وَقَالَ: حديث حسن. وأما الحمل: فهو عَلَى البلوغ؛ لأن الله تعالى أجرى العادة أن الولد، لا يخلق إلا منْ ماء الرجل وماء المرأة، قَالَ الله تعالى: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ} [الطارق: 5 - 7]، وأخبر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بذلك فِي الأحاديث، فمتى حملت حُكم ببلوغها، فِي الوقت الذي حملت فيه. انتهى "المغني" 6/ 597 - 600.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبين مما سبق إيضاحه أن الأرجح حصول البلوغ فِي حقّ الغلام والجارية بأحد ثلاثة أشياء: خروج المنيّ، والإنبات، وبلوغ خمس عشرة سنة، وأما الجارية، فتزيد الحيض، والحمل، وَقَدْ عرفتَ أدلتها بالتفصيل. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".
...
4984 - (أَخْبَرَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، قَالَ: سَأَلْتُ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ، عَنْ تَعْلِيقِ يَدِ السَّارِقِ فِي عُنُقِهِ؟ قَالَ: "سُنَّةٌ، قَطَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَدَ سَارِقٍ، وَعَلَّقَ يَدَهُ فِي عُنُقِهِ").
رجال هَذَا الإسناد: سبعة:
1 - (سُويد بن نصر) أبو الفضل المروزيّ الملقّب بالشاه، ثقة [10] 45/ 55.