بلفظ: "منْ اطلع منْ بيت قوم بغير إذنهم، ففقؤا عينه، فلا دية ولا قصاص"، وفي رواية منْ هَذَا الوجه: "فهو هدر". انتهى.
وَقَالَ فِي "الفتح " أيضاً: واستُدلّ به عَلَى اعتبار قدر ما يُرْمُى به، بحصى الخذف المقدم بيانها فِي كتاب الحج؛ لقوله فِي حديث الباب: "فخذفته"، فلو رماه بحجر يقتل، أو سهم تعلق به القصاص، وفي وجه لا ضمان مطلقا، ولو لم يندفع إلا بذلك جاز، ويستثنى منْ ذلك منْ له فِي تلك الدار زوج، أو محرم، أو متاع، فأراد الاطلاع عليه، فيمتنع رميه للشبهة. وقيل: لا فرق. وقيل: يجوز إن لم يكن فِي الدار غير حريمه، فإن كَانَ فيها غيرهم أنذر، فان انتهى، وإلا جاز، ولو لم يكن فِي الدار إلا رجل واحد، هو مالكها، أو ساكنها لم يجز الرمي قبل الإنذار، إلا إن كَانَ مكشوف العورة. وقيل: يجوز مطلقا؛ لأن منْ الأحوال ما يكره الاطلاع عليه كما تقدم، ولو قَضَر صاحب الدار بأن ترك الباب مفتوحا، وكان الناظر مجتازا، فنظر غير قاصد، لم يجز، فإن تعمد النظر فوجهان: أصحهما لا، ويلتحق بهذا منْ نظر منْ سطح بيته، ففيه الخلاف، وَقَدْ توسع أصحاب الفروع فِي نظائر ذلك، قَالَ ابن دقيق العيد: وبعض تصرفاتهم مأخوذة منْ إطلاق الخبر الوارد فِي ذلك، وبعضها منْ مقتضى فهم المقصود، وبعضها بالقياس عَلَى ذلك. والله أعلم. انتهى "فتح" 14/ 239.
والحديث متّفقٌ عليه، وَقَدْ تقدّم تخريجه فِي الذي قبله. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
4864 - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي، فَإِذَا بِابْنٍ لِمَرْوَانَ يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَدَرَأَهُ، فَلَمْ يَرْجِعْ، فَضَرَبَهُ، فَخَرَجَ الْغُلاَمُ يَبْكِي، حَتَّى أَتَى مَرْوَانَ، فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ مَرْوَانُ لأَبِي سَعِيدٍ: لِمَ ضَرَبْتَ ابْنَ أَخِيكَ؟ قَالَ: مَا ضَرَبْتُهُ، إِنَّمَا ضَرَبْتُ الشَّيْطَانَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي صَلاَةٍ، فَأَرَادَ إِنْسَانٌ يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَيَدْرَؤُهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ، فَإِنَّهُ شَيْطَانٌ").
رجال هَذَا الإسناد: ستة:
1 - (محمد بن مصعب) هو: محمد بن محمد بن مصعب، الشاميّ، أبو عبد الله الصوريّ، نُسِب لجدّه، لقبه وَحْشيّ -بمهملة ساكنة، ثم معجمة- صدوقٌ [11].
قَالَ ابن أبي حاتم: سمعت منه بمكة، وهو صدُوقٌ ثقة. وذكره ابن حبّان فِي "الثقات". تفرّد به المصنّف، وأبو داود، وله عند المصنّف فِي هَذَا الكتاب هَذَا الْحَدِيث فقط، وعند أبي داود له حديثان.