قَالَ فِي "الفتح" فِي شرح هذه الترجمة: أي هل يأخذ منه بقدر الذي له، ولو بغير حكم حاكم؟، وهي المسألة المعروفة بمسألة الظفر، وَقَدْ جنح البخاريّ إلى اختياره، ولهذا أورد أثر ابن سيرين عَلَى عادته فِي الترجيح بالآثار. انتهى.

وَقَالَ أيضًا: واستُدلّ به عَلَى مسألة الظفر، وبها قَالَ الشافعيّ، فجزم بجواز الأخذ، إذا لم يمكن تحصيل الحقّ بالقاضي، كأن يكون غريمه منكرًا، ولا بيّنة له عند وجود الجنس، فيجوز عنده أخذه، إن ظفِر به، وأخذ غيره بقدره، إن لم يجده، ويجتهد فِي التقويم، ولا يَحيف، فإن أمكن تحصيل الحقّ بالقاضي، فالأصحّ عند أكثر الشافعيّة الجواز أيضًا، وعند المالكيّة الخلاف، وجوزه الحنفيّة فِي المثليّ، دون المتقوّم لِمَا يُخشى فيه منْ الحيف. واتّفقوا عَلَى أن محلّ الجواز فِي الأموال، لا فِي العقوبات البدنيّة؛ لكثرة الغوائل فِي ذلك. ومحلّ الجواز فِي الأموال أيضًا ما إذا أمن الغائلة، كنسبته إلى السرقة، ونحو ذلك. انتهى "فتح" 5/ 398 - 400. "كتاب المظالم".

والحاصل أن الأرجح جواز استيفاء الحقّ الماليّ منْ ظالمه، دون رفعه إلى السلطان، وأما استيفاء القصاص، سواء كَانَ فِي النفس، أو الطرَف، فظاهر صنيع البخاريّ، والمصنّف جوازه، مستدلّين بأحاديث الباب، وهو الظاهر. والله تعالى أعلم بالصواب.

4862 - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "مَنِ اطَّلَعَ فِي بَيْتِ قَوْمٍ، بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ، فَفَقَئُوا عَيْنَهُ، فَلاَ دِيَةَ لَهُ، وَلاَ قِصَاصَ").

رجال هَذَا الإسناد: سبعة:

1 - (محمد بن المثنّى) الْعَنَزيّ، أبو موسى البصريّ، ثقة ثبت [10] 64/ 80.

2 - (معاذ بن هشام) الدستوائي البصريّ، صدوقٌ ربما وهم [9] 30/ 34.

3 - (أبوه) هشام بن أبي عبد الله سَنْبَر الدستوائيّ، أبو بكر البصريّ، ثقة ثبت، ورمي بالقدر، منْ كبار [7] 30/ 34.

4 - (قتادة) بن دعامة السدوسي، أبو الخطاب البصريّ، ثقة ثبت يدلس [4] 30/ 34.

5 - (النضر بن أنس) بن مالك الأنصاريّ، أبو مالك البصريّ، ثقة [3] 2/ 3393.

6 - (بَشير بن نَهِيك) -بفتح النون، وكسر الهاء-: هو السدوسيّ، ويقال: السلوليّ، أبو الشعثاء البصريّ، ثقة [3] 141/ 1107.

7 - (أبو هريرة) رضي الله تعالى عنه 1/ 1. والله تعالى أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015