الله تعالى.

وقوله تعالى: {وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}: أي أعلمتكم برضاي به لكم دينا، فإنه تعالى لم يزل راضيا بالإسلام لنا دينا، فلا يكون لاختصاص الرضا بذلك اليوم فائدة، إن حملناه عَلَى ظاهره، و"دينا" نصب عَلَى التمييز، وإن شئت عَلَى مفعول ثان. وقيل: المعنى: ورضيت عنكم إذا انقدتم لي بالدين الذي شرعته لكم، ويحتمل أن يريد رضيت لكم الإسلام دينا: أي رضيت إسلامكم الذي أنتم عليه دينا باقيا بكماله إلى آخر الأبد، لا أنسخ منه شيئا، والله أعلم.

والإسلام فِي هذه الآية: هو الذي فِي قوله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ}: وهو الذي يفسر فِي سؤال جبريل للنبي عليهما الصلاة والسلام، وهو الإيمان، والأعمال، والشعب.

وقوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ}: يعني منْ دعته ضرورة إلى أكل الميتة، وسائر المحرمات فِي هذه الآية، والمخمصة الجوع، وخلاء البطن منْ الطعام، والْخَمَصُ: ضمور البطن.

وقوله تعالى: {غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ}: أي غير مائل لحرام، وهو بمعنى {غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ} والجنف: الميل، والإثم الحرام.

{فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}: أي فإن الله له غفور رحيم.

وقوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ} الآية: نزلت بسبب عدي بن حاتم، وزيد بن مهلهل، وهو زيد الخيل، الذي سماه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زيد الخير، قالا: يا رسول الله إنا قوم نصيد بالكلاب، والبزاة، وإن الكلاب تأخذ البقر، والحمر، والظباء، فمنه ما ندرك ذكاته، ومنه ما تقتله فلا ندرك ذكاته، وَقَدْ حرم الله الميتة، فماذا يحل لنا؟، فنزلت الآية.

وقوله تعالى: {مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ}: "ما" فِي موضع رفع بالابتداء، والخبر: {أُحِلَّ لَهُمْ}، و"ذا" زائدة، وإن شئت بمعنى الذي، ويكون الخبر: {قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ}، وهو الحلال، وكل حرام فليس بطيب، وقيل: ما التذه آكله وشاربه، ولم يكن عليه فيه ضرر فِي الدنيا، ولا فِي الآخرة. وقيل: الطيبات الذبائح؛ لأنها طابت بالتذكية. وقوله تعالى: {وَمَا عَلَّمَتُمُ} أي وصيد ما علمتم، ففي الكلام إضمار لابد منه، ولولاه لكان المعنى يقتضي أن يكون الحل المسئول عنه متناولا للمعلم منْ الجوارح المكلبين، وذلك ليس مذهبًا لأحد.

وقوله تعالى: {مُكَلِّبِينَ}:معنى مكلبين أصحاب الكلاب، وهو كالمؤدب، صاحب التأديب. وقيل: معناه مُضَرِّين عَلَى الصيد كما تُضَرَّى الكلاب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015