الفعيلة، إذ كانت صفة لموصوف منطوق به، فيقال شاة نطيح، وامرأة قتيل، فإن لم تذكر الموصوف أثبت الهاء، فتقول: رأيت قتيلة بني فلان، وهذه نطيحة الغنم؛ لأنك لو لم تذكر الهاء، فقلت: رأيت قتيل بني فلان، لم يعرف أرجل هو أم امرأة.

وقوله تعالى: {وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ}: يريد كل ما افترسه ذو ناب وأظفار، منْ الحيوان، كالأسد، والنمر، والثعلب، والذئب، والضبع، ونحوها، هذه كلها سباع، يقال: سَبَعَ فلان فلانا: أي عَضّه بسِنِّهِ وسبعه: أي عابه، ووقع فيه، وفي الكلام إضمار: أي وما أكل منه السبع؛ لأن ما أكله السبع فقد فني، ومن العرب منْ يوقف اسم السبع عَلَى الأسد. وكانت العرب إذ أخذ السبع شاة، ثم خلصت منه أكلوها، وكذلك إن أكل بعضها.

وقوله تعالى: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ}: نصب عَلَى الإستثناء المتصل عند الجمهور، منْ العلماء، والفقهاء، وهو راجع عَلَى كل ما أدرك ذكاته منْ المذكورات، وفيه حياة، فإن الذكاة عاملة فيه؛ لأن حق الإستثناء أن يكون مصروفا إلى ما تقدم منْ الكلام، ولا يجعل منقطعا إلا بدليل، يجب التسليم له. رَوَى ابن عيينة، وشريك، وجرير، عن الرُّكَين بن الرَّبِيع، عن أبي طلحة الأسدي، قَالَ: سألت ابن عباس، عن ذئب عدا عَلَى شاة، فشق بطنها حَتَّى انتثر قصبها، فأدركت ذكاتها، فذكيتها؟ فَقَالَ: كُلْ، وما انتثر منْ قصبها فلا تأكل. قَالَ إسحق بن راهويه: السنة فِي الشاة عَلَى ما وَصفَ ابنُ عباس، فإنها وإن خرجت مصارينها، فإنها حية بعدُ، وموضوع الذكاة منها سالم، وإنما ينظر عند الذبح، أحية هي، أم ميتة؟ ولا ينظر إلى فعل هل يعيش مثلها فكذلك المريضة، قَالَ إسحق: ومن خالف هَذَا، فقد خالف السنة منْ جمهور الصحابة، وعامة العلماء.

وقوله تعالى: {وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ}: قَالَ ابن فارس: النصب حجر كَانَ ينصمب، فيعبد، وتصب عليه دماء الذبائح، وهو النَّصْبُ أيضا. وقيل: النصب جمع، واحده نِصاب كحمار وحمر. وقيل: هو اسم مفرد، والجمع أنصاب، وكانت ثلاثمائة وستين حجرا. قَالَ مجاهد: هي حجارة كانت حوالى مكة، يذبحون عليها.

وقوله تعالى: {وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ}: معطوف عَلَى ما قبله، أي وحرم عليكم الاستقسام، والأزلام قِداح الميسر، واحدها زَلَمٌ -بفتحتين-، وزُلَم -بضم، ففتح-.

قالوا: والأزلام للعرب ثلاثة أنواع: منها الثلاثة التي كَانَ يتخذها كل إنسان لنفسه عَلَى، أحدها افعل، وعلى الثاني لا تفعل، والثالث مهمل، لا شيء عليه، فيجعلها فِي خَرِيطة معه، فإذا أراد فِعْل شيء أدخل يده، وهي متشابهة، فإذا خرج أحل ها ائتمر، وانتهى بحسب ما يخرج له، وإن خرج القِدْح الذي لا شيء عليه، أعاد الضرب، وهذه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015